والسادس في بيان أنه ليس في الترمذي حديث موضوع، الترمذي خرج لمحمد بن سعيد المصلوب، وهو أحد الوضاعين، لا شك أنه خرج له؛ لكن الحديث الذي خرجه من طريقه نعم لو لم يثبت إلا من طريقه لحكم عليه بالوضع، ولذا قرر الشارح أنه ليس في الترمذي حديث موضوع، وإن كان ابن الجوزي أدخل بعض الأحاديث من جامع الترمذي وسنن أبي داود فضلاً عن ابن ماجه في موضوعاته، بل زاد على ذلكم، فأدخل حديثاً في صحيح مسلم، وأدخل حديثاً من صحيح البخاري رواية حماد بن شاكر.
المقصود أن ابن الجوزي بالغ في هذا الباب، وأدخل أحاديث ضعيفة لا تصل إلى حد الوضع في موضوعاته وأيضاً فيه بعض الأحاديث الحسنة، بل فيه ما هو صحيح، مما هو في الصحيحين أو أحدهما، ولذا يقول الحافظ العراقي:
وأكثر الجامع فيه إذ خرجْ ... لمطلق الضعف عنى أبا الفرجْ
يقول في الفصل السابع: في أن جميع أحاديث الترمذي معمول بها أم بعضها غير معمول به؟ يعني يتساءل هل جميع أحاديث الترمذي معمول بها؟ الترمذي في آخر الجامع في علل جامعه ذكر أن جميع ما في كتابه معمول به سوى حديثين، لم يستثنِ من جامعه إلا حديثين:
أحدهما: حديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الصلاتين في المدينة من غير خوفٍ ولا مطر.
والثاني: حديث معاوية في قتل الشارب المرة الرابعة، يعني قتل المدمن جاء فيه أحاديث تصل بمجموعها إلى رتبة الحسن، وإن كان بعضهم الشيخ أحمد شاكر يصححها، ذكر الترمذي أن العلماء اتفقوا على عدم العمل بهذا الحديث، بعضهم يرى أنه منسوخ؛ لكن رأي ابن القيم في مثل هذا الحديث التوسط، وهو أن قتل الشارب إذا لم يرتدع الناس بالحد يكون من باب التعزير، يعني للإمام أن يقتل الشارب إذا أدمن على الشرب، ولم يرتدع الناس بالحد الذي حده الشارع، وللشيخ أحمد شاكر رسالة صغيرة اسمها (كلمة الفصل في قتل مدمن الخمر) تعليقه أيضاً على المسند مطول حول هذه المسألة، وبحثها بحثاً جيداً.
الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- زاد على الحديثين، أحاديث مما صح من الأحاديث ولم يعمل به أهل العلم.