ثم قدم بين يدي الشرح أصولاً مهمة جداً، ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها، وأن يقرأها ويفهمها، بدأ بإسناده في الكتاب إلى الإمام مسلم، ترجم لرواته من شيوخه إلى مسلم تراجم مختصرة، تحدث عن صحيح مسلم وشهرته وتواتر نسبته إلى مصنفه، وبيّن منزلته بين كتب السنة، ثم ذكر الخلاف فيما يفيد الخبر الواحد إذا صح، المسألة فيما يفيده الخبر الواحد إذا صح مسألة طويلة الذيول، لكن الجمهور على أن خبر الواحد إذا صح إنما يفيد الظن؛ لاحتمال الخطأ والوهم والنسيان على الراوي، وإن كان حافظاً ضابطاً ثقة، ومعنى إفادة الظن أنه لا يقطع به، يعني لا يعني أن الحديث صح وتوافرت فيه شروط القبول أنه يحلف عليه، وأن نسبته ثابتة إلى قائله مائة في المائة، هذا ما قرره النووي في صدر كتابه، وإن قال بعضهم أنه يفيد القطع، يعني إذا جاءنا حديث من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر نحلف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الحديث؟ يفيد القطع؟ نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مائة بالمائة، ألا يحتمل أن نافعاً وهم؟! مالك ضبطت عليه أوهام وإن كان نجم السنن؛ لكن بعض أهل العلم يرى أن خبر الواحد إذا صح يفيد القطع بثبوته ويحلف عليه، وإن كان هناك قول ثالث وهو الراجح -إن شاء الله تعالى- أنه يفيد القطع إذا احتفت به قرينة، أما إذا خلى عن القرائن فهو على أصله لا يفيد إلا الظن، إذا احتفت به قرينة أفاد القطع؛ لأن احتمال الخطأ والوهم ضعيف، المسألة مفترضة في الراوي الثقة، احتمال الخطأ والوهم عليه، يعني نسبته مرجوحة، وإلا لو كانت نسبة راجحة ما احتمل ولا الظن، هذه النسبة الضعيفة يقدر أن نسبة الخطأ ١٠% تقابل هذه الـ١٠% القرينة، وحينئذٍ يرتفع احتمال الخطأ، احتمال النقيض، فيرتقي إلى القطع، والمسألة مهمة ومبحوثة في كثيرٍ من الكتب، ولا محظور في كون الخبر الواحد إذا صح يفيد الظن؛ لأنه وإن كان يفيد الظن فيجب العمل به وإن كان لا يفيد إلا الظن، وكونه يفيد القطع إذا احتفت به قرينة هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حجر وغيرهم خلافاً لمن يقول: أنه يفيد القطع مطلقاً؛ لكن هذا القول مرجوح بلا شك، أو كونه يفيد الظن مطلقاً كذلك.