للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصول، الكتب الصحاح، والسنن والمسانيد وغيرها لا تغني عنها المختصرات بحال، نعم الطالب غير المتخصص، أو الطالب المشغول بأمورٍ أخرى غير العلوم الشرعية لو اقتصر على المختصرات كان جيداً بالنسبة له؛ لأن الوقت لا يستوعب قراءة الأصول، أما المكررات في الكتب الأصلية وذكر الأسانيد، ذكر الطرق والمتابعات والشواهد، هذه أمور لا يستغني عنها طالب العلم، بل لا بد له منها، وكون رجال الصحيحين على وجه الخصوص جاوزوا القنطرة، كما قال أهل العلم لا يعني أنه ينبغي أن لا يعتنى بهم، يعتنى بهم، هؤلاء الرجال رووا أحاديث خارج الصحيحين، فهل حكم روايتهم للأحاديث غير الصحيحين مثل الأحاديث التي رووها في الصحيحين؟ بمعنى أن من رجال البخاري مثلاً أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، لو جاءت روايته في سنن أبي داود هل معنى هذا أن روايته في القوة في سنن أبي داود في حكم رواية البخاري قوةً؟ أو أن الشيخين انتقيا من أحاديث الراوي ما ووفق عليه، لا سيما من وجه إليه شيء من النقد؟ وعلى هذا فكون الراوي من رجال الصحيحين لا يؤخذ قضية مسلمة إذا روى خارج الصحيحين؛ لأن الشيخين مع شدة تحريهما وانتقائهما للرجال خرجوا لرواة تكلم فيهم من قبل غيرهم، تخريجهم لهم في الشواهد مثلاً أو فيما توبعوا عليه ووفقوا عليه وعرف أنهم ضبطوه، والإمام مسلم بيّن منهجه في مقدمة صحيحه، وأنه يخرج أحاديث الرواة الضابطين المتقنين من الدرجة الأولى، وقد ينزل إلى رواة الطبقة الثانية ممن يلونهم في الحفظ والإتقان، لكنهم دونهم إذا عرفت ملازمتهم للشيوخ، وقد ينزل قليلاً إلى من مسّ بضربٍ من التجريح لا سيما فيما ووفق عليه، ولذا يقول الحافظ العراقي في معرض كلامه على سنن أبي داود نقلاً عن ابن سيد الناس يقول:

وللإمام اليعمري إنما ... قول أبي داود يحكي مسلما

حيث يقول جملةُ الصحيح لا ... توجد عند مالكٍ والنبلا

فاحتاج أن ينزل يعني الإمام مسلم:

فاحتاج إن ينزل في الإسنادِ ... إلى يزيد بن أبي زيادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>