للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن هذا المسجد لما أعد لمعصية الله صار محل غضب لأجل ذلك، فلا تجوز الصلاة فيه لله. وهذا قياس صحيح يؤيده حديث ثابت بن الضحاك الآتي.

قوله: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} ١ روى الإمام أحمد وابن خزيمة وغيرهما عن عويم بن ساعدة الأنصاري:

" أن النبي صلي الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال: إن الله قد أحسن عليكم الثناء بالطهور في قصة مسجدكم، فما هذا الطهور الذي تطهرون به؟ فقالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط، فغسلنا كما غسلوا " وفي رواية عن جابر وأنس: " هو ذاك فعليكموه " رواه ابن ماجه وابن أبي حاتم والدارقطني والحاكم٢.

قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} ٣ قال أبو العالية: إن الطهور بالماء لحسن ولكنهم المتطهرون من الذنوب. وفيه إثبات صفة المحبة، خلافا للأشاعرة ونحوهم.

عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: " نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي صلي الله عليه وسلم فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم أوف بنذرك؛ فإنه لا وفاء

قوله: "وعن ثابت بن الضحاك قال: " نذر رجل ٤ أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي صلي الله عليه وسلم فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أوف بنذرك؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم " ٥ رواه أبو داود، وإسناده على شرطهما.

قوله: "عن ثابت بن الضحاك" أي ابن خليفة الأشهلي، صحابي مشهور، روى عنه أبو قلابة وغيره. مات سنة أربع وستين.

قوله: "ببوانة" بضم الباء وقيل بفتحها. قال البغوي: موضع في أسفل مكة دون يلملم. قال أبو السعادات: هضبة من وراء ينبع.

قوله: " فهل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ " فيه المنع من الوفاء بالنذر إذا كان في المكان وثن ولو بعد زواله. قاله المصنف - رحمه الله -.

قوله: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ ".

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: ٦ "العيد:

لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم " رواه أبو داود وإسناده على شرطهما.


١ سورة التوبة آية: ١٠٨.
٢ حسن: أحمد (٣/٤٢٢) وابن خزيمة (٨٣) ، والطبراني في الكبير (١٧/١٤٠) وفي الصغير (٢/٢٣) ، والحاكم (١/١٥٥) وصححه ووافقه الذهبي. والرواية الأخرى من حديث جابر وأنس عند ابن ماجة كتاب الطهارة (٣٥٥) : باب الاستنجاء بالماء. والدارقطني (١/٦٢) ، والحاكم (١/٥٥) , (٢/٣٣٤) وصححها ووافقه الذهبي. والحديث حسن لغيره لكثرة شواهده وطرقه وراجع النهج السديد ص (٧١: ٧٣) .
٣ سورة التوبة آية: ١٠٨.
٤ روى أبو داود بعد هذا الحديث عن سارة بنت مقسم الثقفي أنها قالت: سمعت ميمونة بنت كردم قالت: "خرجت مع أبي في حجه فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمعت الناس يقولون: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعلت أبده بصري, فدنا إليه أبي وهو على ناقة, ومعه درة كدرة الكتاب، فسمعت الأعراب والناس يقولون الطبطبية الطبطبية. فدنا إليه أبي فأخذ بقدمه, قالت فأقر له ووقف فاستمع منه، فقال: يا رسول الله, إني نذرت إن ولد لي ولد ذكر أن أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا عدة من الغنم - قال: لا أعلم إلا أنها قالت خمسين - فقال رسول الله: هل بها من الأوثان شيء؟ قال: لا. قال: فأوف بما نذرت لله - الحديث".
٥ صحيح: أبو داود: كتاب الأيمان والنذور (٣٣١٣) : باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر. وصححه الحافظ في التلخيص (٤/١٨٠) وصححه الألباني في تخريج المشكاة (٣٤٣٧) وصحيح الجامع (٢٥٤٨) .
٦ في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم.

<<  <   >  >>