للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " ١.

فيه مسائل:

الأولى: وجوب الوفاء بالنذر.

الثانية: إذا ثبت كونه عبادة لله فصرفه إلى غيره شرك.

الثالثة: أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به.

قوله: " من نذر أن يطيع الله فليطعه " أي فليفعل ما نذره من طاعة الله. وقد أجمع العلماء على أن من نذر طاعة لشرط يرجوه، كإن شفى الله مريضي فعلي أن أتصدق بكذا ونحو ذلك وجب عليه، إن حصل له ما علق نذره على حصوله. وحكي عن أبي حنيفة: أنه لا يلزم الوفاء إلا بما جنسه واجب بأصل الشرع كالصوم، وأما ما ليس كذلك كالاعتكاف فلا يجب عليه الوفاء به.

قوله: " ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " زاد الطحاوي: "وليكفر عن يمينه" وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز الوفاء بنذر المعصية.

قال الحافظ: اتفقوا على تحريم النذر في المعصية، وتنازعوا: هل ينعقد موجبا للكفارة أم لا؟ وتقدم. وقد يستدل بالحديث على صحة النذر في المباح; كما هو مذهب أحمد وغيره، يؤيده ما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأحمد والترمذي عن بريدة: " أن امرأة قالت: يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف،

فقال: أوفي بنذرك "٢. وأما نذر اللجاج والغضب فهو يمين عند أحمد، فيخير بين فعله وكفارة يمين؛ لحديث عمران بن حصين مرفوعا: " لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين "٣ رواه سعيد بن منصور وأحمد والنسائي، فإن نذر مكروها كالطلاق استحب أن يكفر ولا يفعله.


١ البخاري: الأيمان والنذور (٦٦٩٦ ,٦٧٠٠) , والترمذي: النذور والأيمان (١٥٢٦) , والنسائي: الأيمان والنذور (٣٨٠٦ ,٣٨٠٧ ,٣٨٠٨) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٨٩) , وابن ماجه: الكفارات (٢١٢٥ ,٢١٢٦) , وأحمد (٦/٣٦ ,٦/٤١ ,٦/٢٠٨ ,٦/٢٢٤) , ومالك: النذور والأيمان (١٠٣١) , والدارمي: النذور والأيمان (٢٣٣٨) .
٢ صحيح: أبو داود (٣٣١٢) كتاب الأيمان والنذور: باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر وإسناده حسن, وأحمد (٥/٣٥٣ , ٣٥٦) والترمذي، (٣٦٩٠) كتاب المناقب: باب في مناقب عمر بن الخطاب وقال: حسن صحيح غريب. وقال الألباني في الإرواء (٨/٣١٤) : ((إسناده صحيح على شرط مسلم)) .
٣ ضعيف: أحمد (٤/٤٣٣,٤٤٠,٤٤٣) ، والنسائي (٧/٢٨) كتاب الأيمان والنذور: باب كفارة النذر. وضعفه الألباني في الإرواء (٢٥٨٧) .

<<  <   >  >>