و "ما" هاهنا موصولة، وليس المراد بها العموم الإطلاقي، بل المراد التقييدي الوصفي. والمعنى: من شر كل مخلوق فيه شر، لا من شر كل ما خلقه الله؛ فإن الجنة والملائكة والأنبياء ليس فيهم شر، والشر يقال على شيئين: على الألم، وعلى ما يفضي إليه.
قوله:" لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك " قال القرطبي: "هذا خبر صحيح وقول صادق علمنا صدقه دليلا وتجربة؛ فإني منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه فلم يضرني شيء إلى أن تركته، فلدغتني عقرب بالمهدبة ليلا، فتفكرت في نفسي فإذا بي قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات".
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الجن.
الثانية: كونه من الشرك.
الثالثة: الاستدلال على ذلك الحديث؛ لأن العلماء يستدلون به على أن كلمات الله غير مخلوقة. قالوا: لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك.
الرابعة: فضيلة هذا الدعاء مع اختصاره.
الخامسة: أن كون الشيء يحصل به منفعة دنيوية من كف شر أو جلب نفع لا يدل على أنه ليس من الشرك.