للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: "وقول الله عز وجل {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا} " المخافة والتحذير منها.

قوله: "به" قال ابن عباس: "بالقرآن" {الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} "وهم المؤمنون" وعن الفضيل بن عياض: "ليس كل خلقه عاتب، إنما عاتب الذين يعقلون; فقال: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} وهم المؤمنون أصحاب العقول الواعية".

قوله: {لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} قال الزجاج: موضع "ليس" نصب على الحال، كأنه قال: متخلين من كل ولي وشفيع. والعامل فيه "يخافون".

قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} أي فيعملون في هذه الدار عملا ينجيهم الله به من عذاب يوم القيامة ١.

وقوله: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} ٢٣. وقبلها {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ} ٤. وهذه كقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ٥. فبين تعالى في هذه الآيات وأمثالها أن وقوع الشفاعة على هذا الوجه منتف وممتنع، وأن اتخاذهم شفعاء شرك; يتنزه الرب تعالى عنه. وقد قال تعالى: {فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} ٦. فبين تعالى أن دعواهم أنهم يشفعون لهم بتأليههم، أن ذلك منهم إفك وافتراء.


١ في قرة العيون: وتركوا التعلق على الشفعاء وغيرهم؛ لأنه ينافي الإخلاص الذي لا يقبل الله من أحد عملا بدونه.
٢ سورة الزمر آية: ٤٤.
٣ في قرة العيون: دلت الآية على أن الشفاعة له سبحانه؛ لأنها لا تقع إلا لأهل التوحيد بإذنه سبحانه وتعالى، كما قال تعالى في الآية السابقة, وقال تعالى: (١٠: ٣) (يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم) . فلا شفاعة إلا لمن هي له سبحانه, ولا تقع إلا ممن أذن له فيها. فتدبر هذه الآيات العظيمة في اتخاذ الشفعاء.
٤ سورة الزمر آية: ٤٣.
٥ سورة يونس آية: ١٨.
٦ سورة الأحقاف آية: ٢٨.

<<  <   >  >>