قوله:"وصوروا فيه تلك الصور" الإشارة إلى ما ذكرت أم سلمة وأم حبيبة من التصاوير التي في الكنيسة.
قوله:"أولئك شرار الخلق عند الله" وهذا يقتضي تحريم بناء المساجد على القبور، وقد لعن صلي الله عليه وسلم من فعل ذلك كما سيأتي.
قال البيضاوي: لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثانا لعنهم النبي صلي الله عليه وسلم.
قال القرطبي: وإنما صور أوائلهم الصور ليتأسوا بها ويتذكروا أعمالهم
فهؤلاء جمعوا بين فتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل.
الصالحة، فيجتهدوا كاجتهادهم; ويعبدوا الله عند قبورهم، ثم خلفهم قوم جهلوا مرادهم ووسوس لهم الشيطان أن أسلافهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها. فحذر النبي صلي الله عليه وسلم عن مثل ذلك، سدا للذريعة المؤدية إلى ذلك ١.
قوله:"فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور وفتنة التماثيل" هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، ذكره المصنف -رحمه الله- تنبيها على ما وقع من شدة الفتنة بالقبور والتماثيل؛ فإن الفتنة بالقبور كالفتنة بالأصنام أو أشد.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: " وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع صلي الله عليه وسلم
١ في قرة العيون: ولم يذكر غير بناء المساجد والتصوير؛ لكونه ذريعة إلى عبادة من بنوا عليه المسجد وصوروا صورته، فبذلك صاروا شرار الخلق. فانظر إلى ما وقع في هذه الأمة من ذرائع الشرك والوقوع فيه مما هو أعظم من هذا, كالبناء على القبور وتعظيمها وعبادتها ومع ذلك يعتقدونه دينا وهو الشرك الذي حرمه الله, وأرسل الرسل وأنزل الكتب بالنهي عنه.