للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف -رحمه الله-: " وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:

" قال موسى عليه السلام: يا رب، علمني شيئا أذكرك وأدعوك به. قال: قل يا موسى: لا إله إلا الله. قال: كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله " رواه ابن حبان والحاكم وصححه" ١.

أبو سعيد: اسمه سعد بن مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري الخزرجي، صحابي جليل وأبوه كذلك. استصغر أبو سعيد بأحد، وشهد ما بعدها. مات بالمدينة سنة ثلاث أو أربع أو خمس وستين. وقيل: سنة أربع وسبعين.

قوله: "أذكرك" أي أثني عليك به "وأدعوك" أي أسألك به.

قال: قل: يا موسى لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة،

قوله: "قل يا موسى لا إله إلا الله"٢ فيه أن الذاكر بها يقولها كلها، ولا يقتصر على لفظ الجلالة، ولا على "هو" كما يفعله غلاة جهال المتصوفة، فإن ذلك بدعة وضلال.

قوله: "كل عبادك يقولون هذا" ثبت بخط المصنف بالجمع، والذي في الأصول "يقول" بالإفراد مراعاة للفظة "كل"، وهو في المسند من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ الجمع كما ذكره المصنف على معنى "كل"، ومعنى قوله: "كل عبادك يقولون هذا" أي إنما أريد شيئا تخصني به من بين عموم عبادك، وفي رواية: - بعد قوله: "كل عبادك يقولون هذا – قل: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا أنت يا رب، إنما أريد شيئا تخصني


١ ضعيف: ابن حبان (٢٣٢٤) – موارد، والحاكم (١/٥٢٨) وصححه ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٨٢) بعد ما عزاه لأبي يعلى: "ورجاله وثقوا على ضعف فيهم". وضعفه الأرناؤوط في تخريج شرح السنة (٥/٥٥) .
٢ قال في قرة العيون: فلا نافية للجنس نفيا عاما إلا ما استثني، وخبرها محذوف تقديره لا إله إلا الله. قال تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير) , فإلهيته تعالى هي الحق وكل ما سواه من الآلهة فإلهيته باطلة كما في هذه الآية ونظائرها. فهذه كلمة عظيمة هي العروة الوثقى وكلمة التقوى وكلمة الإخلاص, وهي التي قامت بها السماوات والأرض, وشرعت لتكميلها السنة والفرض, ولأجلها جردت سيوف الجهاد, وبها ظهر الفرق بين المطيع والعاصي من العباد. فمن قالها وعمل بها صدقا وإخلاصا وقبولا, ومحبة وانقيادا أدخله الله الجنة على ما كان من العمل.

<<  <   >  >>