٢ في قرة العيون: فإذا كان يخافه صلى الله عليه وسلم على أصحابه الذين وحدوا الله بالعبادة، ورغبوا إليه وإلى ما أمرهم به من طاعته، فهاجروا وجاهدوا من كفر به، وعرفوا ما دعاهم إليه نبيهم, وما أنزله الله في كتابه من الإخلاص والبراءة من الشرك، فكيف لا يخاف من لا نسبة له إليهم في علم ولا عمل مما هو أكبر من ذلك؟ وقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن أمته بوقوع الشرك الأكبر فيهم بقوله في حديث ثوبان الآتي ذكره: "حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين, وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان" وقد جرى ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، وعمت به البلوى في أكثر الأقطار حتى اتخذوه دينا مع ظهور الآيات المحكمات, والأحاديث الصحيحة في النهي عنه والتخويف منه كما قال تعالى: ٧٢: ٥ (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار) ، وقال: ٣٠: ٢٢ , ٣١ (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به) , وهذا هو تحقيق التوحيد كما تقدم في الباب قبله. ثم قال تعالى محذرا عباده من الشرك: (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق) . ومن لم تخوفه هذه الآيات وتزجره عن الشرك في العبادة إذا تدبرها فلا حيلة فيه. ٣ البخاري: تفسير القرآن (٤٤٩٧) , وأحمد (١/٣٧٤ ,١/٤٠٢ ,١/٤٠٧ ,١/٤٦٢ ,١/٤٦٤) .