للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه: بيان أن دعوة غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك جلي، كطلب الشفاعة من الأموات؛ فإنها ملك لله تعالى وبيده، ليس بيد غيره منها شيء، وهو الذي يأذن للشفيع أن يشفع فيمن لاقى الله بالإخلاص والتوحيد من أهل الكبائر، كما يأتي تقريره في باب الشفاعة إن شاء الله تعالى.

فيه مسائل:

الأولى: الخوف من الشرك.

الثانية: أن الرياء من الشرك.

الثالثة: أنه من الشرك الأصغر.

الرابعة: أنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين.

الخامسة: قرب الجنة والنار.

السادسة: الجمع بين قربهما في حديث واحد.

السابعة: أنه من لقيه لا يشرك به شيئا دخل الجنة. ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار، ولو كان من أعبد الناس.

الثامنة: المسألة العظيمة سؤال الخليل له ولبنيه وقاية عبادة الأصنام

قال المصنف - رحمه الله تعالى -: "ولمسلم عن جابر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة. ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار ".

جابر: هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام - بمهملتين - الأنصاري ثم السلمي - بفتحتين - صحابي جليل هو وأبوه، ولأبيه مناقب مشهورة - رضي الله عنهما -١ مات بالمدينة بعد السبعين، وقد كف بصره، وله أربع وتسعون سنة.

قوله: "من لقي الله لا يشرك به شيئا" قال القرطبي: أي لم يتخذ معه شريكا في الإلهية، ولا في الخلق، ولا في العبادة، ومن المعلوم من الشرع المجمع عليه عند أهل السنة: أن من مات على ذلك فلا بد له من دخول الجنة، وإن جرت عليه قبل ذلك أنواع من العذاب والمحنة. وأن من مات على الشرك لا يدخل الجنة ولا يناله من الله رحمة، ويخلد في النار أبد الآباد، من غير انقطاع عذاب ولا تصرم آماد.

التاسعة: اعتباره بحال الأكثر لقوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ} ٢.

العاشرة: فيه تفسير " لا إله إلا الله" كما ذكره البخاري.

الحادية عشرة: فضيلة من سلم من الشرك.

وقال النووي: أما دخول المشرك النار فهو على عمومه، فيدخلها ويخلد فيها، ولا فرق فيه بين الكتابي اليهودي والنصراني، وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة، ولا فرق عند أهل الحق بين الكافر عنادا وغيره، ولا بين من خالف ملة الإسلام وبين من انتسب إليها ثم


١ كان عبد الله والد جابر من الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة، وجعله النبي صلى الله عليه وسلم نقيب بني سلمة. ثم حضر بدرا. وقتل يوم أحد, فأخذ يبكي عليه ولده جابر وأخته فاطمة بنت عمرو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبكيه أو لا تبكيه, لا زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه".
٢ سورة إبراهيم آية: ٣٦.

<<  <   >  >>