يقول -رحمه الله-: "والأفضل أن يحرم في نعلين إن تيسر، والنعل هي التي يعني ما دون الكعب، والنعل هي التي يقال لها: التاسومة، فإن لم يجد نعلين لبس خفين، وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالقطع أولاً" بالمدينة، خطب النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال:((إن من لم يجد النعلين له أن يلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين)) هذا في المدينة، "أمر بالقطع أولاً، ثم رخص بعد ذلك في عرفات" يعني هل رخص وإلا سكت عن القيد؟ يعني في عرفات قال:((من لم يجد النعلين فليلبس الخفين)) من دون تعرض للقطع، وفائدة حمل المطلق على المقيد ظاهرة في مثل هذا، ولذا الأكثر على أنه يقطع؛ لأن ما جاء في خطبة عرفات مطلق، وما قاله في المدينة مقيد، واتفقا في الحكم والسبب يحمل المطلق على المقيد، هذه هي الجادة عند أهل العلم؛ لكن من قال بعدم القطع لا يختلف مع بقية العلماء في أن حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة هو الأصل؛ لكنه عورض، عورض بأي شيء؟ خطبة عرفة لا شك أنها مقام بيان، والناس بحاجة ماسة إلى هذا البيان؛ لأنه وجد وحضر هذه الخطبة من لم يحضر الخطبة الأولى، فلو كان مما يلزم بيانه، وما يجب فعله، لبينه النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فمن قال بالقطع فهو على الأصل وعلى الجادة في قاعدة حمل المطلق على المقيد، ومن قال بعدمه قال خطبة عرفة قاضية على خطبة المدينة؛ لأنها متأخرة عنها والمقام مقام بيان، ولو كان القطع لازماً لبينه؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، يدعم هذا الاختيار كون القطع إتلاف وتضييع للمال، وقد نهينا عن إضاعة المال، وعلى هذا قول شيخ الإسلام وجيه، وقال به جمع من أهل العلم.