للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

من ذلك: نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقول الرجل: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقِسَتْ نفسي، ومعناهما واحد، أي: غثت نفسي، وساء خُلقها، فكره لهم لفظ الخبث؛ لما فيه من القُبح والشناعة، وأرشدهم إلى استعمال الحسن، وهجران القبيح، وإبدال اللفظ المكروه بأحسن منه.

ومن ذلك نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قول القائل بعد فوات الأمر: ((لو أني فعلت كذا وكذا)) وقال: ((إن (لو) تفتح عمل الشيطان)) وأرشده إلى ما هو أنفع له من هذه الكلمة، وهو أن يقول: ((قدَّر الله وما شاء فعل)) .

وذلك لأن قوله: لو كنت فعلت كذا وكذا لم يفتني ما فاتني، أو لم أقع فيما وقعت فيه، كلام لا يُجدي عليه فائدة البتة، فإنه غير مستقبل لما استدبر من أمره، وغير مستقيل عثرته بـ ((لو)) ، وفي ضمن ((لو)) ادعاء أن الأمر لو كان كما قدره في نفسه، لكان غير ما قضاه الله وقدره وشاءه، فإن ما وقع مما يتمنى خلاف إنما وقع بقضاء الله وقدره ومشيئته، فإذا قال: لو أني فعلت كذا لكان خلاف ما وقع، فهو مُحال، إذ خلاف المقدر المقضي مُحال، فقد تضمن كلامه كذباً وجهلاً ومحالاً، وإن سلِم من التكذيب بالقدر، لم يسلم من معارضته بقوله: لو أني فعلت كذا، لدفعت ما قدر الله علي) انتهى.

تع: (١)

هذا اللفظ مختصر: ((تعالى)) ، عند ذكر الله سبحانه وتعالى. اصطلح عليه بعض النساخ المتأخرين رغبة في الاختصار وهو منتشر لدى طابعي بعض كتب أهل الإسلام من تصرفات الكفرة المستشرقين.

وهو اصطلاح فاسد، بل بعض هذه المصطلحات في جانب التمجيد والتقديس لله سبحانه وتعالى، وفي جانب الصلاة والسلام على أنبياء الله


(١) (تع: انظر: اللفيف في كل معنى طريف، لأحمد فارس الشدياق. المطبوع عام ١٣٠٠ هـ في مطبعة الجوائب بقسطنطينة.

<<  <   >  >>