الإنس بكل طريق، وادخلوا عليهم من باب واقعدوا لهم كل مرْصد، أما سمعتم قسمي الذي أقسمت به لربهم حيث قلت:{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}[الأعراف:١٧] ؟ أو ما تروني قد قعدت لابن آدم بطرُقه كلها، فلا يفوتني من طريق إلا قعدت له بطريق غيره، حتى أصيب منه حاجتي أو بعضها؟ وقد حذرهم ذلك رسولهم - صلى الله عليه وسلم - وقال لهم:((إن الشيطان قد قعد لابن آدم بطرقه كلها، وقعد له بطريق الإسلام: فقال: أتُسلم وتذر دينك ودين آبائك؟ فخالفه وأسلم؛ فقعد له بطريق الهجرة؛ فقال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك؟ فخالفه وهاجر؛ فقعد له بطريق الجهاد؛ فقال: أتجاهد فتقتل فيقسم المال وتنكح الزوجة؟)) فهكذا فاقعدوا لهم بكل طرق الخير، فإذا أراد أحدهم أن يتصدق فاقعدوا له على طريق الصدقة، وقولوا له في نفسه: أتخرج المال فتبقى مثل هذا السائل، وتصير بمنزلته أنت وهو سواء؟ أو ما سمعتم ما ألقيت على لسان رجل سأله آخر أن يتصدق عليه؛ فقال: هي أموالنا إن أعطيناكموها صرنا مثلكم؟ واقعدوا له بطريق الحج؛ فقولوا: طريقه مخوفة مشقة، يتعرض سالكها لتلف النفس والمال، وهكذا فاقعدوا على سائر طرق الخير بالتنفير عنها وذكر صعوبتها وآفاتها، ثم اقعدوا لهم على طرق المعاصي فحسنوها في أعين بني آدم، وزينوها في قلوبهم، واجعلوا أكبر أعوانكم على ذلك النساء؛ فمن أبوابهن فادخلوا عليهم، فنعم العون هن لكم) انتهى.