العلماء ونجوم الهدى، واستبدل بكل هذا لغة القانون المختلق المصنوع، وهي لغة إلي اللغو أقرب، بل يقصر عن وصف قصورها، وعجمتها، وسماجتها يراع كل بليغ.
فبالله كيف تحولت تلك العقول من رفيع العزة والمكانة إلى حضيض الذلة والمهانة:
أخذت بالحجة رأساً أزعرا وبالثنايا الواضحات الدردرا
وقد أضحى من سوالب هذا العدوان غربة مصطلحات الشريعة في ديار الإسلام، واستحكام الانفصام بين المسلم وتراثه الأثيل.
يقول أبو الأعلى المودودي في كتابه: تدوين الدستور الإسلامي ص/ ٩- ١٠ في بيان أن غرابة المصطلحات الشرعية على أهل هذا العصر تُكوِّن عائقاً دون التدوين، فقال تحت عنوان:
غرابة المصطلحات:(المشكلة الأُولى جاءت من جهة اللغة، وبيان ذلك: أن الناس عامةً في هذا الزمان، قليلاً ما يتفطنون لما ورد في القرآن وفي كتب الحديث والفقه من المصطلحات عن الأحكام، والمبادئ الدستورية، ذلك بأن نظام الإسلام السياسي قد تعطل فينا منذ أمدٍ غير يسير، فلا يكاد اليوم يسمع بتلك المصطلحات في القرآن الكريم، كثير من الكلمات نقرؤها كل يوم ولكن لا نكاد نعرف أنها من المصطلحات الدستورية، كالسلطان، والملك، والحكم، والأمر، والولاية، فلا يدرك مغزى هذه الكلمات الدستوري الصحيح إلا قليل من الناس؛ ومن ثم نرى كثيراً من الرجال المثقفين يقضون عجباً ويسألوننا في حيرة إذا ذكرنا لهم الأحكام الدستورية في القرآن: أو في القرآن آية تتعلق بالدستور؟ والواقع أنه لا داعي إلى العجب لحيرة مثل هؤلاء الأفراد، فإن القرآن ما نزلت فيه سورة سميت بالدستور ولا نزلت فيه آية بمصطلحات القرن العشرين) اهـ.