ألا إن هذا الغطاء الوافد على المصطلحات الإسلامية، يمثل في عدوانه على انتزاعها: بذور الفلسفة والمنطق اليوناني في إفساد الفكر الإسلامي، وبذور الشعوبية البغيضة في مسخ العرب من مكانتهم، وبذور المذاهب المادية في الانقلاب على الدِّين وأنها هي البديل الحتمي. وبذور النزعات العرقية كالقومية العربية، والبعثية التي أغرقت في عصبيتها المنتنة. وقد انتهى بكُثرهم المطاف حتى خرجوا من العروبة والإسلام معاً وما علم أولئك الأغمار أن هذا الضرب من العصبية قد أسقط النبي - صلى الله عليه وسلم - رايته، وأنه الإسلام وحده. وهذا لا يعني إغفال شأن العرب والمحافظة على جنسهم، ونقاء نطفهم، وصفاء أنسابهم (فالعصبية ممقوتة والمحافظة مطلوبة) كما قرره الإمامان الحافظان ابن تيمية وابن حجر - رحمهما الله تعالى - في غيرهما كثير من أهل العلم، وإلى غير هذه البذور المهينة من بذور الحرب، والعداء، والإغارة، والتوهين الفكري، في سلسلة متصلة ومتلاحقة يمسك بها الجزارون من طرف وذوو الفسالة (المنافقون) من طرف آخر، مستغلين مناخ الفرقة وانكسار الوحدة، وانفصام عرى العزة؛ بإدباب وميض نار الفتنة بين صفوف المسلمين من غير دخان، ودس كلمات تتفجر في عقل الأُمة وفكرها من غير صوت؟
وكل جنود الإغارة هؤلاء ينزعون من قوس واحدة ويدقون على وتر واحد هو القضاء على المسلمين بكل مقوماتهم؟
وبالجملة فهذه الظاهرة العدوانية، والحملة المسعورة، تمثل شوكة في الظهر، ووصمة عار في الجبين، وثغرة ينال العدو منها ما كان يرجوه الغرب من التفات المسلمين إلي تغيير مجريات حياتهم على نحو ما هم عليه حقيقة وشكلاً، وبالتالي تفتيت الإسلام عن طريق تطويره محققاً غرضين له:
أحدهما: الانفصام بين المسلم وتراثه ليقطع تفكيره في شريعة الله.
وإذا فقد المسلم قاعدته التي ينطلق منها أضحى محلاً قابلاً