للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبد الحميد. فهو مهم.

وهكذا في فوضى الاصطلاحات التي تذبح الأصالة، وتقتل الذات، وتفقد الخصوصية والتميز الحضاري وتجعل المسلم في إطار مصطلحات غريبة عن دينه وإسلامه، بل عن دينه ولغته، ويعيش في دوامة من التناقض بين اعتقاده وثروة أسلافه وبين ما يسمعه ويعيش في منظومته الحضارية، فهل من مستيقظ، وهل من موقظ لأُمته؟ والله المستعان.

ومنها قولهم: ((أسلمة العلوم)) ، ((وأسلمة المعرفة)) وقولهم ((أسلمة الطب)) وهكذا.

وهذا استعمال مولد حادث، لا أحسبه في لسان العرب، ولم تفُهْ به العلماء، وهو من لغة الجرائد، وأقلام أحلاس المقاهي، فهم يريدون بذا التعبير السمج ((جعل العلوم إسلامية)) فقالوا: (أسلمة العلوم) .

واشتقاق هذه المادة ((سلم)) ومنه ((الإسلام)) بمعنى الصحة والعافية يأبى هذا: اشتقاقاً ونحتاً، ويأبى المنحوت ومن أين كان نحتاً؟ ومعلوم أن النحت لا يكون إلا من كلمتين فأكثر.

والعلم هو العلم، والحقائق هي هي، والعلم الشرعي الخالي من الدخل والدخن لا يكون في الميدان إلا على يد وارث علم النبوة ((العالم المسلم)) فإذا وُجِد العلماء العاملون قدموا للأُمة ((العلوم والمعارف الإسلامية)) . فانظر كيف قفزوا إلى النتيجة، وتخلَّوْا عن القاعدة، فإلى الله الشكوى من تناقض أهل عصرنا، وسرعة تلقفهم لكل جديد قبل اختباره لغة وشرعاً، والله المستعان.

عباد الله: (١)

إطلاقها لا يتناول من لم يؤمن بشريعة الإسلام، فلا يُقال للكفار من كتابيين، وغيرهم: عباد الله، ولا يُقال للكافر: عبد الله؛ فإن لفظ العبد في القرآن: يتناول من عبد الله، فأما عبد لا يعبده فلا يُطلق عليه لفظ: عبده، كما قال الله - سبحانه -: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} والاستثناء قوله:


(١) (عباد الله: الفتاوى ١/ ٤٣ - ٤٤.

<<  <   >  >>