له: اجلس، ثم قال: من يحلب هذه؟ فقام رجل آخر، فقال له: ما اسمك؟ قال: حرب، فقال له: اجلس، ثم قال: من يحلب هذه؟ فقام رجل، فقال: أنا، قال: ما اسمك؟ قال: يعيش، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احلب)) فكره مباشرة المسمى بالاسم المكروه لحلب الشاة.
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشتد عليه الاسم القبيح ويكرهه جداً من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال، حتى إنه مر في مسير له بين جبلين، فقال: ما ((اسمهما؟)) فقيل له: فاضح ومخز، فعدل عنهما، ولم يمر بينهما، وكان عليه السلام شديد الاعتناء بذلك، ومن تأمل السنة وجد معانِي في الأسماء مرتبطاً بها، حتى كأن معانيها مأخوذة منها، وكأن الأسماء مشتقة من معانيها، فتأمل قوله عليه الصلاة والسلام:((أسلم: سلمها الله. وغفار: غفر الله لها. وعُصيَّة: عصت الله)) .
وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح:((سهل أمركم)) ، وقوله لبريدة لما سأله عن اسمه، فقال: بريدة. قال:((يا أبا بكر: برد أمرنا)) ثم قال: ((ممن أنت؟)) قال: من أسلم، فقال لأبي بكر ((سلمنا)) ، ثم قال:((ممن؟)) قال: من سهم، قال:((خرج سهمك)) . ذكره أبو عمر في استذكاره. حتى إنه كان يعتبر ذلك في التأويل، فقال:((رأيت كأنا في دار عقبة بن رافع، فأتينا برطب من رطب ابن طاب، فأوّلت العاقبة لنا في الدنيا والرفعة، وإن ديننا قد طاب)) .
وإذا أردت أن تعرف تأثير الأسماء في مسمياتها، فتأمل حديث سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال: أتيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:((ما اسمك؟)) قلت: حزن، فقال:((أنت سهل)) ، قال: قلت: لا أُغيِّر اسماً سمّانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد. رواه البخاري في صحيحه، والحزونة: الغلظة، ومنه أرض حزنة وأرض سهلة. وتأمل ما رواه مالك في