((أما قوله: جرت عادة الله تعالى. فما زال هذا الرجل ونظراؤه من أصحابه يطلقون العادة على ما لا يدعهم الإسلام أن يجروا على الله خلافه من فعل وترك، فيقولون: جرت عادته أنه لا يأمر بالفحشاء، ولا يصدق الكاذب، ونحو ذلك. فيُقال لهم: العادة مأخوذة من العود، فأول جزئي من هذه العادة هل نظر فيه إلى ذلك الفعل ورجحانه قبل جري العادة أم لم ينظر؟ إن لم ينظر فهو اتفاقي، وإن نظر فذلك الوجه مستقل بالبعث على الفعل بدون جري عادة وهو ما أردنا بالحسن والقبح في الفعل والترك مثلاً، وكذلك كل جزئي منه أو من غيره فالإحالة على العادة مجرد غي وتلبيس، وهلا جرى على عادات العرب التي رأوها مكارم أخلاق بتزيين الشيطان وغروره، مثل الطواف مكشوفي العورات، ووأد البنات، وسائر ما تعوده أصناف بني آدم من القبائح التي رأوها كذلك إلْفاً منهم واستحلاء وكبراً وعصبية كالغارات وغير ذلك، بل رد ذلك عليهم وغيرهم، فلو كان الاعتبار بالإلف والعادة لكان آكد الشرائع ما تطابقت آراء الأولين والآخرين عليه ولم يخلص عنه غير المخلصين من اتباع الآباء في أديانهم وعوائدهم. إنْ عامة. وإنْ خاصة. ثم نقول لهم: هل حصول العادة أثر في تحصيل وصف يسند إليه المدح والذم؟ فهو قولنا ولا يضرنا المنازعة في علة ذلك الوصف بعد الاتفاق على المعلول، أم لم يؤثر؟ فقد استوى وجودها وعدمها، فلا معنى لذكرها وملاحظتها)) .
* عبد الباسط:(١)
قال السخاوي: (عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم الدمشقي، ثم