لا ينجحون حتى يلتمسوا له ما يكرهه ويوجدوا له ما يخافه، فلم يعد من دواعي العجب أن الحكومات القومية في هذا العصر في معاملتها لجيرانها، إنما تنقاد بعواطف المقت والخوف، فعلى تلك العواطف يعيش من يحكمونها، وعلى تلك العواطف يقوى الاتحاد القومي)) .
ويقول ((والترشزبارت)) في ذلك أيضاً: ((إِنَّ الروح الغربية يتفشى فيها القلق والخوف، وهي شديدة التأثر، نزاعة إلى الفردية، محبة للتنافس، وإن الفرد من خلال هذا النموذج الغربي لا يعبأ بخلاص روحه، وإنما يهمه فرض سلطانه وتوسيع دائرة نفوذه، وقد نجح الفرد في تغيير وجه الأرض، ولكن هذه الثقافة أخذت تملأ سماءها السحبُ وتومض حولها البروق، وتعصف بها الأعاصير، وأوربا تنزلق إلى الهاوية، وتقترب من النهاية، ولا شيء يستطيع دفع هذا المصير المحتوم) .
وعلى هذا الأساس قُسِّمتْ الأُمة الإسلامية إلى دويلات، تمشياً مع هذه النزعة، ولا زالت تُقَسَّمُ حتى الآن، فلبنان التي هي جزء من الدولة الإسلامية الكبرى يعمل على تقسيمها إلى دويلات، وأهم من ذلك الروح التي تسود تلك الدويلات - روح الكراهية والحقد - وقد أصبح كل قطر إسلامي يتعامل مع غيره على أساس العداوة في أكثر الأحيان، وأصبحت المودَّة صناعية تسير مع المصلحة الخاصة، وقد تكون مع الدولة الكافرة، بينما العداوة للدولة الإسلامية.
لكن الإسلام يُربِّي أبناءه على أساس أن الناس جميعاً خلقوا من ذكر وأُنثى، وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا، وأن أكرمهم عند الله أتقاهم، ومهمة المسلم عمارة الأرض، وتحقيق الأمن والسلام فيها.
أما عاطفة الكراهية فإنه يوجهها إلى العدو الحقيقي الذي لا يريد بالإنسان إلا الشر، ذلك هو الشيطان الذي حذَّرهم الله تعالى منه بقوله: