ثالثاً: قال الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - كما في السنة للخلال (٤٦٥) والاعتقاد للبيهقي (١/ ٣٥٥ - ٣٥٦) - لما ذُكر له هذا الحديث: أما والله لو يعني بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمارة والسلطان لأفصح لهم، وما كان أحد أنصح للمسلمين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقال لهم: أيها الناس، إن هذا ولي أمركم، والقائم لكم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا، والله ما كان وراء هذا شيء، والله إن كان الله ورسوله اختارا عليا لهذا الأمر والقيام للمسلمين به من بعده، ثم ترك علي ما اختار الله له ورسوله أن يقوم به حتى يعذر فيه إلى المسلمين، إن كان أحد أعظم ذنبا ولا خطية من علي إذ ترك ما اختار الله له ورسوله حتى يقوم فيه كما أمره الله ورسوله. ا. هـ رابعاً: أن سبب ورود هذا الحديث ينفي هذا الإشكال الذي من أجله خص النبي صلى الله عليه وسلم عليا بذلك الكلام؛ وخلاصة هذا السبب: أن عليا كان قادما من اليمن، وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج، وفي الطريق من اليمن إلى مكة وقعت بعض الأمور بين علي ومن كان معه، جعلتهم يتكلمون في علي، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فتكلم مبينا فضل علي ومكانته، وردا على هؤلاء، ولذلك تكلم عند غدير خم لأن الكلام خاص بأهل المدينة الذين كانوا مع علي في السرية. يقول الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٧/ ٣٩٧): والمقصود أن عليا لما كثر فيه القيل والقال من ذلك الجيش، بسبب منعه إياهم استعمال إبل الصدقة، واسترجاعه منهم الحلل التي أطلقها لهم نائبه، وعلي معذور فيما فعل، لكن اشتهر الكلام فيه في الحجيج، فلذلك - والله أعلم - لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجته وتفرغ من مناسكه ورجع إلى المدينة فمر بغدير خم، قام في الناس خطيبا فبرَّأَ ساحة علي، ورفع من قدره ونبَّه على فضله؛ ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس. ا. هـ وينظر كذلك ما ذكره البيهقي في الاعتقاد (ص: ٣٤٥ - ٣٥٥). =