أوَّلاً: أن الولاية بالفتح هي ضد العداوة، والاسم منها مولى ووليّ، والولاية بكسر الواو هي الإمارة، والاسم منها والي ومتولي، والموالاة ضد المعاداة، وهي من الطرفين، كقوله تعالى: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم، آية:٤]، وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد، آية:١١].ا. هـ وبهذه الآية الأخيرة استدل الشافعي - فيما نقله عنه البيهقي في الاعتقاد (ص: ٣٥٥) - على أن المقصود بالحديث هو ولاء الإسلام، وعلى هذا يكون المراد - كما قال أبو نعيم في الإمامة (ص: ٢١٨) -: من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه؛ فعلي والمؤمنون مواليه. فعلم من ذلك: أن المولى ليس بمعنى الحاكم أو المتصرف في الأمور، وإنما المولى كالولي، والدليل عليه قوله تبارك وتعالى: {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم} أي لا ولي لهم وهم عبيده وهو مولاهم، وإنما أراد لا ولي لهم. وانظر منهاج السنة لابن تيمية (٧/ ٣٢٢، ٣٢٤ - ٣٢٥)، القضاب المشتهر للفيروز آبادي (ص: ٦٦). ثانياً: على التفسير السابق، وعلى أن الموالاة ضد المعاداة، يكون هذا الحكم ثابتا لكل مؤمن، فعلي رضي الله عنه من المؤمنين الذين يتولون المؤمنين ويتولونه، لكن الحديث فيه منقبة له من جهة إثبات إيمانه في الباطن و الشهادة له بأنه يستحق الموالاة باطنا وظاهرا، لكن ليس فيه أنه ليس للمؤمنين مولى غيره، فكيف ورسول الله صلى الله عليه و سلم له موالي، وهم صالحو المؤمنين؟ فعلي أيضا له مولى بطريق الأولى والأحرى، وهم المؤمنون الذين يتولونه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أن اسلم وغفارا ومزينة وجهينة وقريشا والأنصار ليس لهم مولى دون الله و رسوله، وجعلهم موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جعل صالح المؤمنين مواليه والله ورسوله مولاهم. =