للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= نوح إذ قال: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} و مثل موسى إذ قال: {ربنا اطمس على أموالهم و اشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم}.
فقوله لأبي بكر: مثلك كمثل إبراهيم وعيسى، ولعمر: مثل نوح وموسى؛ أعظم من قوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»، فإن نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى أعظم من هارون، وقد جعل هذين مثلهم ولم يرد أنهما مثلهم في كل شيء، لكن فيما دل عليه السياق، من الشدة في الله واللين في الله، وكذلك هنا إنما هو بمنزلة هارون فيما دل عليه السياق، وهو استخلافه في مغيبه كما استخلف موسى هارون.
ثالثاً: هذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخاطب عليا بهذا الخطاب إلا ذلك اليوم في غزوة تبوك، فلو كان علي قد عرف أنه المستخلف من بعده - كما تقول ذلك بعض الطوائف - لكان علي مطمئن القلب أنه مثل هارون بعده وفي حياته ولم يخرج إليه يبكي، ولم يقل له: أتخلفني مع النساء والصبيان؟ ولو كان علي بمنزلة هارون مطلقا لم يستخلف عليه أحدا، ومما بين ذلك: أنه بعد هذا أمّر عليه أبا بكر سنة تسع.
رابعا: أن هارون لم يكن خليفة موسى إلا في حياته، لا بعد موته، لأنه مات قبل موسى باتفاق، فيكون معنى الحديث: أن عليا متصل بي، نازل مني منزلة هارون من موسى، وقد بين هذا الإبهام في التشبيه قوله: «إلا أنه لا نبي بعدي» فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة، بل من جهة مادونها؛ وهو الخلافة، ولما كان هارون المشبه به إنما كان خليفة في حياة موسى؛ دل ذلك على تخصيص خلافة علي للنبي صلى الله عليه وسلم بحياته فقط.
وانظر للمزيد في هذه المسألة: الإمامة والرد على الرافضة لأبي نعيم الأصبهاني (ص: ٢٢١ - ٢٢٢)، الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (٤/ ٧٨)، كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (١/ ٢٣٦)، شرح النووي على صحيح مسلم (١٥/ ١٧٤)، منهاج السنة النبوية لابن تيمية (٧/ ٣٢٥ - ٣٣٨)، مجموع الفتاوى له (٤/ ٤١٦ - ٤١٧)، فتح الباري لابن حجر (٧/ ٧٤). =

<<  <   >  >>