ومر معنا آنفا تحسين الترمذي للحديث، وتصحيح ابن حبان له، حيث أودعه صحيحه ولم يعلّه بشيء. التعليق على الحديث: * قوله عليه الصلاة والسلام: «إن عليا مني وأنا منه». احتجت به بعض الطوائف على أن عليا رضي الله عنه أفضل من سائر الصحابة رضي الله عنهم، زعما منهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل عليا من نفسه، حيث قال: «إن عليا مني» ولم يقل هذا القول في غير علي! وهذا الكلام لا يصح من وجهين: الأول: أن معنى قوله: «إن عليا مني» أي: في النسب والصهر والمسابقة والمحبة، وغير ذلك من المزايا، وليس معناه أنه جعله من نفسه حقيقة كما يقولون. وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٦/ ٢٦) عند قوله عليه الصلاة والسلام في شأن جليبيب الصحابي لما استشهد: «هذا مني وأنا منه»: معناه المبالغة في اتحاد طريقتهما، واتفاقهما في طاعة الله تعالى. الثاني: أن هذا القول لم يخص النبي صلى الله عليه وسلم به عليا دون غيره، فقد قال مثل هذا في شأن جليبيب لما استشهد، كما في صحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل جليبيب، رقم ٢٤٧٢) حين قال: «هذا مني وأنا منه»، وقال مثل هذا في شأن الأشعريين، كما في صحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل الأشعريين، رقم ٢٥٠٠) حين قال: «فهم مني وأنا منهم»، ومثل هذا قيل في غيرهؤلاء، كما هو واضح لمن تَتبَّع الأحاديث. انظر: فتح الباري لابن حجر (٧/ ٥٠٧)، مرقاة المفاتيح للقاري (٩/ ٣٩٣٦)، تحفة الأحوذي للمباركفوري (١٠/ ١٤٥ - ١٤٦). =