وقال ابن حجر في الحديث الأول: إنه جاء به من طرق لا تخلو من مقال، ولا يصح تأييد ما سبق بمثل ما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بلفظ: من بلغه عن الله فضل شيء من الأعمال يعطيه عليها ثوابًا، فعمل ذلك العمل رجاء ذلك الثواب، أعطاه الله ذلك الثواب، وإن لم يكن ما بلغه حقًا؛ لأن في إسناده إسماعيل بن يحيى، وهو كذاب.
وكذلك ما رواه لحسن بن عرفة عن جابر مرفوعًا بنحو الذي قبله؛ لأن في إسناده كذابًا.
وكذا ما رواه ابن حبان عن أنس مرفوعًا بلفظ: من بلغه عن الله وعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فضيلة، كان منى أو لم يكن، فعمل بها رجاء ثوابها أعطاه الله ثوابها؛ لأن في إسناده متروكا.
وقد روى معني ذلك: البغوي من حديثه.
ورواه ابن عبد البر في كتاب العلم عنه أيضًا بلفظ: من أدى الفريضة وعلَّم الناس الخير، كان فضله على العابد المجاهد كفضلي على أدناكم رجلًا. ومن بلغه عن الله فضل، فأخذ بذلك الفضل الذي بلغه، أعطاه الله تعالى ما بلغه، وإن كان الذي حدثه كاذبًا.
قال ابن عبد البر: إسناد هذا الحديث ضعيف؛ لأن أبا معمر عباد بن عبد الله انفرد به وهو متروك. وأهل العلم بجماعتهم يتساهلون في الفضائل، فيرونها عن كل، وإنما يتشددون في أحاديث الأحكام، وأقول: إن الأحكام الشرعية متساوية الأقدام، لا فرق بينها، فلا يحل إثبات شيء منها إلا بما تقوم به الحجة، وإلا كان من التقول على الله بما لم يقل، وفيه من العقوبة ماهو معروف، والقلب يشهد بوضع ماورد في هذا المعنى وبطلانه. والله أعلم.