للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول: أنكره (١) قلبي، وشعري، وبشرى، وظننت أنه بعيد من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.


= عبد الملك ثقة، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثقات، قال العجلي: (تابعي ثقة) وقال النسائي: ليس به بأس) وقد أخرج الخطيب في الكفاية ص ٤٢٩، الخبر من طريق عمارة بن غزية عن عبد الملك، والظاهر أن عمارة لم يدركه، ولعله سمع الخبر من ربيعة، كما في خبر مسلم، وقد يخدش في الخبر من أربعة أوجه. الأول: الإنكار. الثاني: ما أشار إليه الأمام أحمد من الشك. الثالث: الشك في لقي ربيعة لعبد الملك، أما إخراج مسلم لذلك الحديث الواحد، فقد يكون تسهل لأنه في فضائل الأعمال، وله شواهد في الجملة، وأما ابن حبان فقاعدته معروفة، والعجلي مثله، أو أشد تسهلاً في توثيق التابعي ن، كما يعلم بالإسقراء، وأما النسائي، فقد أخرج لعبد الملك خبراً آخر في القبلة للصائم، ثم قال (هذا منكر) وليس في السند من يشك فيه غير عبد الملك، ولهذا ذكره الذهبي في الميزان بذلك، وراوي خبر القبلة عن عبد الملك، وهو بكير بن الأشج، وهو في سن ربيعة، أو أكبر منه. وعلى فرض صحة الخب ر، فلا سبيل إلى أن يفهم منه ما تدفعه القواطع، فمن المقطوع به، أن معارف الناس وآراءهم وأهواءهم تختلف اختلافاً شديداً، وأن هناك أحاديث كثيرة، تقبلها قلوب، وتنكرها قلوب. وبهذا يعلم أن اما يعرض للسامع من قبول واستبشار، أو نفور واستنكار. قد يكون حيث ينبغي، وقد يكون حيث لا ينبغي، وإنما هذا والله أعلم إرشاد إلى ما يستقبل به الخبر عند سماعه، وقد يكون منشأ ذلك: أن المنافقين كانوا يرجفون بالمدينة ويشيعون الباطل، فقد يشيعون ما إذا سمعه المسلمون، وظنوا صدقه ارتابوا في الدين، أو ظنوا السوء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرشدوا إلى ما يدفع عنهم بادرة الارتياب، وظن السوء، مع العلم بأن بادئ الظن ليس بحجة شرعية، فعليهم النظر والتدبر، والأخذ بالحجج المعروفة، والله الموفق
(١) أما الخبر المبدوء به في هذا البحث، وما في معناه، فلا ريب في استنكار القلوب لها، وأما خبر عبد الملك بن سعيد، فإن حمل على ما قدمت، فليس بمنكر، والله أعلم.

<<  <   >  >>