للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبالجملة: فهذا الحديث بشواهده لم تسكن إليه نفسي، مع أنه لم يكن في إسناد أحمد، ولا في إسناد ابن ماجة، من يتهم بالوضع (١) فالله أعلم، وإني أظن أن ابن الجوزي قد وفق للصواب بذكره في موضاعاته، ومع هذا: فقد أخرج أحمد في مسنده بإسناد قيل: إنه على شرط الصحيح بلفظ: إذا سمعتم الحديث عني حديث تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه قريب فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عنى تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه (٢) . وهذا: وإن كان يشهد لذلك الحديث لكني


(١) أما خبر المسند: فقد عرفت أن في سنده أبا معشر السندي، وهو كثير التخليط في الأسانيد، ثم اختلط اختلاطاً شديداً، فلم يبقى يدري ما يحدث به، فهذا لا يضع عمداً، ولكنه قد يسمع الموضوع فيرويه بسند الصحيح غلطاً، وأما سند ابن ماجة: ففيه كما تقدم عبد الله بن سعيد المقبري، وهو تالف، وقد أشار يحيى القطان إلى تكذيبه، وقال ابن حبان: (كان يقلب الأخبار، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها) فهذا إن لم يضع المتن فقد يضع الإسناد أو يغير المتن، ومع هذا كله فإذا قام البرهان على بطلان المتن، لم يتوقف الحكم ببطلانه على وجود متهم بالوضع في سنده
(٢) وهو في المسند ٣/٤٩٧، و ٥/٤٢٥ (ثنا أبو عامر، ثنا سليمان ابن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد، عن أبي حميد، وعن أبي أسيد (وفي الموضع الثاني: عن أبي حميد، وأبي أسيد) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال..........) فذكره، ثم قال في الموضع الثاني، (وشك فيهما عبيد بن أبي قرة، فقال: عن أبي حميد، أو أبي أسيد، وقال: ترون أنكم منه قريب، وشك أبو سعيد في أحدهما في (إذا سمعتم الحديث عني) أقول: أبو عامر. وسليمان، وربيعة ثقات أمناء، وقد أخرج مسلم عن سليمان، وعن عمارة بن غزية، عن ربيعة عن عبد الملك عن أبي حميد، أو عن أبي أسيد خبراً في القول عند دخول المسجد، والخروج منه، وهذا يشعر بأن مسلماً يرى أن ربيعة أدرك عبد الملك، وأن=

<<  <   >  >>