للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وطريق الإمام أحمد معروفة في التسامح، في أحاديث الفضائل دون أحاديث الأحكام. هذا كلامه، ولا يخفاك أن هذه مراوغة من الحافظ ابن حجر، وخروج من الإنصاف. فإن كون الحديث في فضائل الأعمال، وكون طريقة أحمد رحمه الله معروفة في التسامح في أحاديث الفضائل: لا يوجب كون الحديث صحيحًا ولا حسنا، ولا يقدح في كلام من قال في إسناده وضاع. ولا يستلزم صدق ما كان كذبًا وصحة ما كان باطلًا. فإن كان ابن حجر يسلم أن أبا عقال يروي الموضوعات. فالحق ما قاله ابن الجوزي، وإن كان ينكر ذلك. فكان الأولى به التصريح بالإنكار والقدح في دعوى ان الجوزي (١) .

ثم ذكر ابن حجر بعد كلامه السابق: أن لهذا الحديث شاهدًا من حديث ابن عمر، وذكر الحديث المتقدم، وليس فيه سوى بشير بن ميمون ضعيف (٢) .

وله شاهد أخرجه أبو يعلي عن عبد الله بن بحينة أنه صلى الله عليه وآله وسلم على تلك المقبرة. فسألوا بعض أزواجه فسألته. فقال: هي مقبرة أهل عسقلان (٣) .


(١) ابن حجر لا ينكر ما قيل في ابي عقال، ولكنه يقول إن ذلك لا يستلزم ان يكون كل ما رواه موضوعاً، واذا كان الكذوب قد يصدق، فما بالك بمن لم يصرح بأنه كان يتعمد الكذب؟ فيرى ابن حجر ان الحكم بالوضع يحتاج الى امر آخر ينضم الى حال الراوي، كأن يكون مما يحيله الشرع او العقل. وهذا لا يكفي في رده ما ذكره الشوكاني. وقد يقال: انضم إلى حال ابي عقال ان المتن منكر ليس معناه من جنس المعاني التي عنى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببيانها، اضف الى ذلك قيام التهمة هنا، فإن ابا عقال كان يسكن عسقلان، وكانت ثغرً عظيما، لا يبعد من المغفل ان يختلق ما يرغب الناس الرباط فيه، او يضعه جاهل ويدخله على مغفل، والحكم بالوضع قد يكفي فيه غلبة الظن كما لا يخفى.
(٢) بل هو هالك البتة لعله شر من ابي عقال. قال ابن حجر: نفسه في التقريب (متروك متهم) وقال البخاري (متهم بالوضع) .
(٣) هو عن عطاف بن خالد عن اخيه المسور عن علي بن عبد الله بن بحينة عن ابيه عطاف صدوق يتهم، واخوه وشيخه لا يعرفان إلا في هذا الخبر

<<  <   >  >>