على كل حال المستمع ما هو بالسامع، المستمع أجره عظيم، ويشتركان في الأجر إلا أن معاناة القراءة يختص بها القارئ، لا سيما في حندس الظلم لأنه أخفى، وأفرغ إلى القلب والبال، وأحضر للقلب، لكن ماذا عن حديث:((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة))؟ لأن بعض الناس طريقته في القراءة سراً، لا يسمع منه ولا حرف، وبعض الناس يجهر، أيهما أفضل؟ يعني ما جاء في قول الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [(١١٠) سورة الإسراء] يدل على أن التوسط هو المطلوب، لكن هذا الحديث يدل على أن المسر بالقراءة أفضل، لكن هل المسر بالقراءة والجاهر بها في الحديث يعني في كيفية الأداء أو في الاستخفاء عن الناس؟ نعم الاستخفاء عن الناس، المقصود أن يقرأ في مكان يستخفي به عن الناس، كما أنه يتصدق بصدقة لا يعلمها أحد، كما جاء في حديث السبعة:((رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) فالمسر بالقرآن الذي يتخذ مكاناً بعيداً عن نظر الناس لا شك أنه أقرب إلى الإخلاص، وأدعى إلى حضور القلب، بخلاف من كانت قراءته في مجامع الناس، لكن إذا كان ممن يقتدى به، وطلاب العلم يرون أهل العلم ليس هناك وقت لقراءة القرآن عندهم، يعني يخيل لطلاب العلم الآن أن المشايخ ما يقرؤون قرآن، أول النهار في الدوام، ثم بعد ذلك يرتاحون، ثم دروس، ثم اجتماعات، ثم نوم وهكذا، هم لهم نصيب من التعبد من قيام ومن تلاوة ما في إشكال، لكن أين هذا من عمل المتقدمين الذين ديدنهم النظر في عهد الله والنظر في كتابه؟ يوجد من شيوخنا المعاصرين الآن من يضاهي المتقدمين في تلاوة القرآن، مع أنه قائم بأعمال كبيرة جداً، يداوم دوام كامل، وله أيضاً دروس، وله ارتباطات واجتماعات، ومع ذلك يقرأ القرآن في ثلاث، لكن ما يلزم أن يكون على مرأى من طلاب العلم، نعم طلاب العلم يحتاجون إلى قدوات، ولذلك نجد كثير من الحفاظ قراءة القرآن ليس لها نصيب عندهم، يقرؤون في العلوم الأخرى أضعاف أضعاف ما يقرؤون القرآن، بل يتعجب بعضهم إذا جاء إلى المسجد ووجد الشيخ يقرأ فقال له: أنا أريد معي كتاب اقرأ عليك،