المنظومة الميمية في الآداب الشرعية للعلامة حافظ حكمي (٣)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: هل يمكن لطالب العلم أن يكتفي بكتب الحديث عن كتب الفقه؟
لا شك أن المعول على النصوص، على الكتاب والسنة، المعول عليهما، لكن لا بد من مقدمات وعلوم تعين على فهم الكتاب والسنة، النصوص فيها العام والخاص، وفيها المطلق، وفيها المقيد، وفيها المحكم، وفيها المتشابه، وفيها المجمل، وفيها المبين، وفيها الناسخ، وفيها المنسوخ، لا بد من معرفة العلوم التي تعين على فهم النصوص، علوم العربية بفروعها الاثني عشر، أصول وقواعد التفسير، وأصول المصطلح، وعلوم الحديث، وأصول الفقه كلها طالب العلم بأمس الحاجة إليها، والنظر في أقوال الأئمة من أهل العلم، ومواضع الاختلاف، ومواضع الاتفاق؛ لئلا يخالف إجماع؛ ولئلا يبتدع قول لم يقل به من سبق، فلا بد من الاطلاع على أقوال الأئمة، والاحتذاء بهم، والاقتداء بهم في كيفية الاستنباط، وليسلم قوله واختياره عن الشذوذ والشواذ، كم من شخص اعتمد على نفسه غير مقتدٍ بغيره، وإن كانت عمدته ومعوله على الكتاب والسنة، لكنه لم يستطع أن يتعامل مع نصوص الكتاب والسنة، لا بد أن يعرف الجادة المعروفة عند أهل العلم.
والمثال الذي ذكرناه في مناسبات كثيرة شخص يعتني بالسنة ولا علم له بأقوال أهل العلم، ولا كيفية الاستنباط عند أهل العلم، قرأ في صحيح مسلم: باب ما جاء في قتل الكلاب، فأخذ المسدس وكل ما رأى من كلب قتله، والدرس الذي يليه باب: ما جاء في نسخ قتل الكلاب، ماذا يصنع؟ لكن لو قرأ هذه المسألة في كتاب فقهي لن يحصل له مثل هذا؛ لأن كتب الفقه هي خلاصة وعصارة لهذه النصوص وهذه الأدلة، نعم فيها القول الراجح وهو الكثير، وفيها الأقوال المرجوحة، فيها الاعتماد على الأحاديث الصحيحة، وفيه أيضاً اعتماد على أحاديث ضعيفة، لكنه بمجموع النظر يتكامل النظر في الأصول في الأصل الأصيل الذي هو القرآن، وما يبينه ويوضحه وهو السنة، مع أقوال أهل العلم تتكامل الرؤية وتتضح، فلا بد من التوفيق بين الفقه والحديث.