والخلاف بين أهل العلم في المراد بالحرف هل هو حرف المبنى أو حرف المعنى؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، والأثر المترتب على الخلاف كبير؛ لأنه إذا قلنا: إن المراد بالحرف حرف المبنى فالختمة الواحدة كما ذكرنا بالأمس فيها أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، وإذا قلنا: إن المراد الحرف حرف المعنى قلنا: إنه لا يثبت ولا الربع من هذا الأجر، يعني سبعمائة ألف حسنة الربع تقريباً، وكثير من أهل العلم يرجح حرف المبنى، وهذا الذي يتمناه كل قارئ للقرآن لتكثر حسناته، ومنهم من يقول: إن المراد بالحرف حرف المعنى، وكلام شيخ الإسلام يومئ ويرشد إليه، كأنه يميل إلى أن المراد بالحرف حرف المعنى، وابن الجزري في النشر أيضاً كأنه يميل إليه، بدليل المثال الذي ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- (الم) كم حرف هذه؟ في الحديث ثلاثة حروف، لكن لو نظرنها من حيث المبنى وجدناها تسعة حروف، ألف حرف، لكن فيها الهمزة واللام والفاء، لو أردنا حروف المبنى صارت ثلاثة حروف، وهي في الحديث حرف واحد، ألف حرف، لام حرف، وهي من حروف المبنى ثلاثة حروف، ميم حرف مثلها، فإذا قلنا: إن المراد بالحرف حرف المبنى قلنا: تسعة حروف وليست ثلاثة حروف، ولذلك هناك فرق بين أن تقول:(الم) و (ألم){أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [(١) سورة الفيل] ألم ثلاثة حروف مبنى، لكنها في حروف المعاني اثنان، الهمز همزة الاستفهام و (لم) النافية، حرفان.
(كيف) حرف واحد باعتبار المعنى، وثلاثة حروف باعتبار المبنى، والترجيح في مثل هذا فيه صعوبة؛ لأن الحرف كما يطلق على هذا يطلق على هذا على حد سواء، لكن ثقتنا بفضل الله -جل وعلا- وجوده وكرمه أعظم من ثقتنا بعلم شيخ الإسلام، ولا نستطيع أن نقول أكثر من هذا، فعلى الإنسان أن يستكثر وأجره على الله -جل وعلا-، ولن يقف الأمر عند هذا، يعني المسألة تحتاج تتوقف على القدر الذي يقر في قلب الإنسان من تعظيم لكلام الله تعالى، ومن تدبر وترتيل وفهم واعتبار، تصل المضاعفات إلى سبعمائة، إلى أضعاف كثيرة.