قال بعد هذا:"حدثنا محمد بن رمح المصري قال: حدثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كذب علي -حسبته قال: متعمداً- فليتبوأ مقعده من النار)) " وهذه الكلمة التي جاءت على سبيل التردد هنا جاءت مجزوماً بها في حديث جمع غفير من الصحابة، فهذا التردد لا يقدح فيها، فاشتراط التعمد في الكذب إنما هو لثبوت الإثم والوعد والوعيد الذي رتب عليه هذا، وأما تسميته كذب فإن هذه اللفظة تدل على أن ما لم يقصد وما لم يتعمد يسمى كذب، ولو كان الكذب خاص بالعمد لما احتيج إلى هذه الكلمة، اكتفي بقوله:((من كذب علي ... فليتبوأ مقعده من النار)) لما قيد الكذب بالعمد الكذب الذي يدخل النار، ويكون سبباً لدخول النار، والذي توعد عليه بالنار هو التعمد، دل على أن هناك كذب ليس عن عمد ولا يترتب عليه هذا الوعيد، هذا يستدل به على أن الكذب يشمل جميع الكلام الذي لا يطابق الواقع، سواءً كان صاحبه قد تعمد ذلك أو أخطأ فيه، أو نسي أو ما أشبه ذلك، فإنه كذب ولو لم يترتب عليه هذا الوعيد.
ثم قال بعد ذلك -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال: حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن جابر" هشيم بن بشير الواسطي ثقة من رجال الصحيح، لكنه مدلس، وروى هنا بالعنعنة.