للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعد ذلك: "حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة وإسماعيل بن موسى قالا: حدثنا شريك عن منصور" وشريك هو شريك السابق، والحديث بسببه حسن "عن منصور" بن المعتمر "عن ربعي بن حراش" بالحاء المهملة، وإن ضبطه المنذري في مختصر سنن أبي داود بالخاء المعجمة، لكن الأئمة كلهم على أنه بالحاء، "عن ربعي بن حراش عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تكذبوا علي فإن الكذب علي يولج النار)) " يعني يدخل النار، فهو سبب لدخول النار، ومع ذلك عامة أهل العلم على أن من تعمد الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يكفر، بل هي هفوة عظيمة، وزلة وموبقة من الموبقات، لكنه ليس بكافر خلافاً لما يقوله الجويني والد إمام الحرمين فهو يقول: يكفر، وابن الجوزي فيما نقله عنه الحافظ الذهبي في الكبائر يقول: "لا شك أن من كذب على الله ورسوله في تحليل حرام، أو تحريم حلال فإنه كفر محض" هكذا قال، وعامة أهل العلم على أن من كذب على الله وعلى رسوله ما لم يستحل الكذب أنه لا يكفر، ثم إن تعمد الكذب جُرح به، وردت جميع أخباره السابقة واللاحقة، ثم بعد ذلك إن ندم وتاب وأقلع وعزم على ألا يعود تاب توبة نصوحاً فإنه تقبل توبته يعني في الآخرة، في الآخرة تقبل توبته لأن التوبة من الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- ليست بأعظم من الشرك، التوبة تهدم ما كان قبلها، لكن هل تنفعه هذه التوبة في الدنيا، بمعنى أنه تقبل وراياته بعد ذلك؟ من أهل العلم من يقول: إنها لا تقبل، بل يستمر تركه وترك حديثه، ومنهم من يقول: إنه ليس بأعظم من الشرك، فالمشرك والكافر إذا أسلم تقبل توبته، وتقبل روايته.

((فإن الكذب علي يولج النار)) يعني يدخل النار، يعني من أسباب دخول النار، وقد يكون هذا السبب معارض بمانع، إنما هو وعيد من الله -جل وعلا-، وقد يتحقق هذا الوعيد وقد لا يتحقق، لكنه على خطر عظيم {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(١١٦) سورة النساء] فهو تحت المشيئة كسائر الكبائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>