((وسترون بعدي اختلافاً شديداً، فعليكم بسنتي)) إغراء ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)) الذين هداهم الله إلى الصراط المستقيم ((عضوا عليها بالنواجذ)) والنواجذ هي: الأنياب أو الأضراس، وما يعض عليه بالأضراس يصعب نزعه منها، لا سيما إذا كان العاض جاد وصادق في ذلك.
((عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم والأمور المحدثات)) تحذير ((إياكم والأمور المحدثات)) يعني الإحداث في الدين، وابتداع عبادات لم يأذن الله بها، ولم يسبق لها شرعية من الكتاب والسنة، وهذه هي البدع، ((فإن كل بدعة ضلالة)).
هذه البدع وهذه المحدثات حدثت أول ما حدثت في زمن الصحابة، في بدعة الخوارج، ثم بدعة الروافض، ثم النواصب، ثم تنوعت البدع، وافترقت الأمة على ما أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- من أنها ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، وحصل هذا كله، لكن على المسلم أن يسعى لخلاص نفسه، فلا يعمل شيئاً إلا وله أصل شرعي، ولا يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، ولا يحدث في دين الله ما لم يسبق له شرعية ((فإن كل بدعة ضلالة)) هذا تعميم من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأن جميع البدع وأن جميع ما يحدث في الدين فإنه ضلالة، وبهذا يرد على من قسم البدع إلى بدع محمودة، وبدع مذمومة، أو بدع واجبة، وبدع مستحبة، وبدع مباحة، وبدع مكروهة، وبدع محرمة، هذا التقسيم مخترع، لم يسبق له دليل من كتاب ولا سنة، كما قرر ذلك الشاطبي في الاعتصام، رد على هذا التقسيم وقوض دعائمه بأسلوب قوي، وحجة ناصعة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول:((كل بدعة ضلالة)) ونقول: بدعة محمودة؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقرر بأن كل بدعة ضلالة ونقول: بدعة واجبة؟! هذه معارضة ومضادة ومحادة لهذا التعميم النبوي، وإن قال به من قال به من أهل العلم، فهم مجتهدون، هذا غاية ما يقال فيهم، ولا يظن بهم، ولا يتهمون، لكن أشكل عليهم بعض النصوص فقرروا ما قرروا.