"حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون المدني" أبو عبيد "قال: حدثنا أبي" أظن ذكرنا أن أباه مجهول، جهله أبو حاتم، وتكلمنا في هذا الباب في الجهالة، وهل هي جرح في الراوي أو عدم علم بحاله؟
ولا شك أن في كلام أبي حاتم عدم علم بحال الراوي؛ لأنه في عدد كبير من الرواة يقول ابنه: سألت أبي عن فلان فقال: مجهول، وأحياناً يقول: لا أعرفه، وأحياناً يقول: مجهول لا أعرفه، فجهالة أبي حاتم للراوي تعني عدم علمه به، ولا يمنع أن يكون معروفاً لدى غيره، وعلى هذا لا نحكم على الإسناد بالضعف؛ لأن أبا حاتم لم يعرف هذا الراوي، بل نتوقف فيه حتى ترتفع هذه الجهالة ويرفع عند غيره، أو يعرف بالضعف فيرد الخبر من أجل ضعفه، وأما الجهالة في اصطلاح المتأخرين فتختلف عن الجهالة عند أبي حاتم، فالجهالة عند المتأخرين يقسمونها إلى ثلاثة أقسام: إلى جهالة العين، وهي ما إذا كان الراوي من المقلين في الرواية بحيث لم يروِ عنه سوى واحد، أو يكون مكثر من الرواية، لكنه لم يذكر فيه جرح ولا تعديل، وهذه الجهالة الثانية أي جهالة الحال، وتقسم إلى قسمين: جهالة الحال باطناً وظاهراً، أو جهالة الحال باطناً فقط، والمستور -إما هو النوع الأخير- يطلق بإزاء النوع الأخير، وهو من جهلت حاله الباطنة، واحتيج به إلى المزكين أو هو مجهول الحال مطلقاً، وأشد من هذين النوعين جهالة أو من هذه الأنواع جهالة الذات، الآن جهالة العين مر بنا راوٍ في رسالة أبي داود سباعي أو سداسي اسمه مذكور إلى جده السابع، وكنيته وبلده ومع ذلكم لم يعرف مجهول، هذه جهالة عين وإلا ذات؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، جهالة الذات إذا لم تعرف عينه، الآن هذا مجهول العين عند أهل العلم مجرد اصطلاح وإلا فهو معروف فلان ابن فلان ابن فلان ابن فلان أبو فلان الفلاني الذي يسكن في البلد الفلاني ... إلى آخره، هذا مجهول عين، مجهول الذات لم يتوصل إلى اسمه، وهو المبهم، حدثني رجل، أيهما أشد رجل يقال: حدثني رجل أو يقال: حدثني أبو عبد الله محمد بن سعيد الأنصاري؟ أيهما أشد؟ رجل، هذا لا يمكن تطلع عليه، هذا مجهول ذات، ما سموه مجهول ذات لكن ينبغي أن يسمى مجهول ذات، وهو أشد وأغرق في الجهالة من مجهول العين.