جاء عنهم ذم الرأي والقياس، ومع ذلك كلهم استعملوا الأقيسة، وأفتوا بفتاوى دقيقة تدل على أنهم أعملوا آرائهم في هذه الفتاوى مع اعتمادهم ومعولهم على النص، وأظن الفرق ظاهر، فالمسألة ينبغي أن ينظر إليها باعتدال، مثل هذا على طالب العلم أن ينظر إليها باعتدال كما كان الأئمة ينظرون إلى مثل هذه المسائل، فلا يوغل طالب العلم في استعمال الآراء والأقيسة، بل يكون معوله على النصوص، ولا بد من استعمال الآراء والأقيسة للإفادة من هذه النصوص، كما أنه لا يوغل لا يهمل الآراء والأقيسة، ولا يعتمد عليها اعتماداً كلياً، بل يكون معوله واعتماده على النص، ويستعمل ما يحتاج إليه من الآراء كما كان الأئمة على هذا، فالقياس أصل عند جماهير أهل العلم، وأما الظاهرية الذين لا يرون الأقيسة فصار عندهم شيء من الخلل في الاستدلال لكثير من المسائل، يصير فيها عسر عليهم، إذ ليس كل مسألة أو نازلة أو حادثة يكون منصوصاً عليها في الكتاب والسنة، وإنما يكون منصوصاً على أصلها أو على أشباهها ونظائرها فتلحق بها، وهم لا يقولون بهذا، ولابن حزم كتاب اسمه:"إبطال القياس" ولذا وقع فيهم من وقع، يقول ابن العربي في عارضة الأحوذي:"فلما جاء القوم الذين هم كالحمير يطلبون الدليل على كل صغير وكبير" فالذي يطلب الدليل يذم؟ لا يذم، بس أخطأ في التعبير، هو أخطأ في التعبير؛ لأن الذي يطلب الدليل في كل صغير وكبير هذا لا يذم، لكن كيف نتعامل مع هذا الدليل؟ هل معنى هذا أننا نعمل بالمسائل المنصوصة وما عداها من المسائل ماذا نصنع بها؟ جاءنا مسألة ما فيها نص، ولها نظير يمكن أن تلحق به مما نص عليه، على قياس قول الظاهرية أنها ما فيها حكم شرعي هذا، خالية عن حكم الله مقتضى قوله، يعني وبالمقابل قال ابن حزم في بعض الأئمة كلاماً شنيعاً أعظم مما قيل فيه من قبل ابن العربي، فلا هذا ولا هذا، يعني كون الشخص يذم بأنه يطلب الدليل، يذم بغيره ما يقتضي الذم، بل يذم بما يقتضي المدح، يعني نظير ذلك خطيب حصل مشكلة من فئة من الناس، وأخطئوا في تقديرهم واجتهادهم، أخطئوا بلا شك، ومع ذلك يذمون على المنبر بأي شيء؟ قال: ومن علامتهم تقصير الثياب وحمل كتب الحديث، يعني هذا ذم؟ يعني