هذا الرجل الذي يعظ أخاه في الحياء، ويرى أن الحياء أثر في حياته، فلا يقدم على كثير مما ينفعه بسبب الحياء، يحجم عن بعض الأشياء فيتضرر بتركها، سواءً كان الضرر في دينه أو في دنياه؛ لأن بعض الناس يستحيي على حد زعمه، أو على حد زعم أخيه كما هنا، هذا يعظ أخاه يقول: لا تستحي خفف من هذا الحياء لتعيش مع الناس، والمراد بهذا الحياء الحياء العرفي الذي هو في الحقيقة خجل، وهذا الخجل مذموم؛ لأنه يعوق عن تحصيل ما ينفع، سواءً كان من أمور الدين، فيجعل الإنسان لا يتعلم العلم، ولا يتعلم العلم مستحيي ولا مستكبر، ويمنعه عن الإنكار، يمنعه عن أداء النصيحة لإخوانه التي أمر الله بها، يمنعه عن مزاولة بعض أمور دنياه التي يتضرر بتركها، فهذا الخجل مذموم بلا شك، وأما الحياء الشرعي الذي هو مانعٌ لما وكافٌ عما يذم به الإنسان، عما يذم به سواءً كان شرعاً أو عرفاً، فالحياء خير كله، وشعبة من الإيمان، فإذا كان هذا الحياء يكفه عما منعه الله منه، أو يكفه عما يشينه بين الناس فهذا شرعي، وأما إذا كان يمنعه من مزاولة ما أمر به، أو مزاولة ما ينفعه في أمور دينه أو دنياه فإن هذا مذموم.