فقال:((إن الحياء شعبة من الإيمان)) وهذا يدل عليه الحديث السابق، حديث أبي هريرة:((والحياء شعبة من الإيمان)) وأيضاً ما جاء في الرواية الأخرى: ((دعه، فإن الحياء لا يأتي إلا بخير)) فالحياء بلا شك ممدوح، وأما الحياء العرفي الذي يسميه الناس حياء وهو في الحقيقة ليس بحياء إنما هو عجز ومهانة وذل، هذا لا ينفع، هذا يضر صاحبه؛ لأنه يكفه عما أمر به شرعاً، أو يكفه عما ينفعه في أمور دنياه، فكثير من الناس يخجل، وهذا الوصف حقيقة قد تنظر إلى بعض الناس وتجده وتظنه من أشد الناس حياءً، وهو في الحقيقة على العكس تماماً يزاول ما حرم الله عليه هذا لا يستحي، ولو كان يخجل، وبعض الناس العكس تظنه لا يستحيي وهو في الحقيقة على درجة بالغة من الحياء، يعني على سبيل المثال من كبار الأدباء والكتاب مثلاً أحمد أمين مثلاً يُظن به وهو من كبار الكتاب وكبار الأدباء وله منزلة رفيعة عند قومه، منزلة كبيرة، يقول: إنه في بعض الأوقات لا يطلب الماء ليشرب خشية أن ينكب عليه من الحياء، وإذا أعطي الشاي لم يقبله خشية من ذلك، وقد يجلس في المجلس الساعات لا يستأذن ليقضي حاجته، كله من الحياء والخجل، وأعرف بعض الناس يتخرج في الجامعة ويتوظف وهو لا يستطيع أن يسلم على الإمام وهو في المحراب، لا بد أن ينصرف الإمام عن مكانه ثم يسلم عليه، لا يستطيع أن يتقدم أمام الناس، فهل مثل هذا ينفع؟ هل مثل هذا حياء شرعي؟ هذا ليس بشرعي، هذا خجل ويذم عليه، فمثل هذا كيف يتقدم بين يدي الناس ليعظهم وينفعهم وينصحهم، ويؤدي ما أوجب الله عليه من باب الأمر والنهي؟ هذا لا يستطيع أن يفعل شيئاً.