((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من خردل من كبر)) ذرة من خردل، الذرة يقولون: مائة ذرة تعادل حبة، والخردل شيء لا يرى بالعين المجردة، إنما يرى إذا فتحت النافذة، وسطعت الشمس والإنسان في ظلام يرى هذا الخردل، يعني ما يدخل مع النافذة من الشمس يكون فيها أشياء تتحرك، يقولون: هذا هو الخردل، المقصود أن في هذا تقليل ومبالغة في تقليل شأن هذه الذرة، وهي ذرة من خردل، يعني صغير من صغير، بل أصغر من أصغر، وهذا لا شك أنه يدل على خطورة الكبر، وسئل النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال مثل هذا الكلام، وجاء في ذم الكبر ما جاء قال بعضهم: إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسناً، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله -جل وعلا- جميل يحب الجمال، ولكن الكبر بطر الحق، وغمط الناس)) يعني رد الحق، يرد الحق، يتكبر ويتعصب لرأيه، ويغمط الناس، حقوقهم ويترفع عليهم، ويحتقرهم، هذا هو الكبر -نسأل الله العافية-، والنفس والقلب يحتاج إلى معالجة دائمة، وإلا لو غفل عنه لو وجد فيه هذه الأمراض، فأمراض القلوب كثيرة، وهي بحاجة إلى متابعة علاج، متابعة مستمرة في العلاج، فالإنسان يحتاج إلى أن يعالج قلبه من أجل الإخلاص؛ لأن النية شرود، يخطر له أدنى شيء فيجترفه عن نيته، والإنسان يدخل في صلاته ثم يعتريه ما يعتريه لمحة خطفة، ثم ينساق ورائها، ويترك الصلاة، وإن كان في جسده يصلي، فعلى الإنسان أن يتحسس قلبه، ويراجع نفسه باستمرار، هذا بالنسبة للإخلاص، وأيضاً الكبر عليه أن يستحضر مثل هذه النصوص، فلا يترفع على الناس، ولا يتعالى عليهم، ولو كان من أغنى الناس، ولو كان من أعلم الناس مع أن الذي يتكبر على الناس العلم الذي ينطوي عليه فيه نظر؛ لأن العلم لا شك أنه هو الذي يعرف الإنسان بربه ويعلمه ويعرفه بنفسه، وإذا عرف ربه وعرف نفسه تبرأ من هذا الشين والعيب الذي يراوده، وأيضاً على الإنسان أن يراقب قلبه في مسألة العجب، بعض الناس قد يكون في مجلس أو في مكان فيبدو منه شيء يعجب به الحاضرون، ثم يعجب بنفسه، والعجب آفة أيضاً من أشد الآفات التي تقضي على الحسنات.
والعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ ... أعمال صاحبه في سيله العرمِ