وسئل الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- عن من يقول: الإيمان قول وعمل، وكأنه عرف من حال هذا السائل ما عرف فقال: هذا أخبث قول، يريد بالعمل، القول الذي هو النطق، والعمل عمل اللسان لا عمل الجوارح، أو عمل القلب دون عمل الجوارح، فكأنه عرف من حال هذا السائل وهم يعرف بعضهم بعضاً.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أنبأنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا خلص الله المؤمنين من النار وأمنوا)) " يعني دخلوا الجنة، الأمن إنما تكون بمجاوزة الصراط ودخول الجنة ((فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا)) يكون له حق عليه، له دين عليه، يجادله ويحاوره؛ ليحصل على دينه وعلى حقه ((فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا أشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار)) يجادلون الله -جل وعلا-، ويحاورونه ويطلبون منه، يطلبون منه أن يخلص إخوانهم من النار التي خلصهم منها.
((أشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار، قال: يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويحجون معنا فأدخلتهم النار! )) الله -جل وعلا- ليس بظلام للعبيد، أدخلهم النار بسبب ما عملت أيديهم، ما كسبت أيديهم، بحسب ما كسبت أيديهم، تركوا الواجبات، تركوا بعض الواجبات، ارتكبوا بعض المحرمات التي توعد عليها بدخول النار فأدخلهم، فأدخلتهم النار، وإن كانوا يصلون ويصومون ويحجون، لكنهم أدخلوا النار بسبب الذنوب والمعاصي والكبائر التي اقترفوها غير هذه الأعمال، قد يكونوا يسرقون، قد يكون بعضهم يشرب الخمر، بعضهم يزني -نسأل الله السلامة والعافية- بعضهم يرابي، بعضهم قاطع لرحمه، بعضهم عاق لوالديه، كل هذه -نسأل الله العافية- توعد عليها فاعلها.