"الله ورسوله أعلم، قال:((ذاك جبريل أتاكم يعلمكم معالم دينكم)) " فالدين بشموله للإسلام والإيمان والإحسان، يعني جميع أبواب الدين، ولذا نفهم حديث:((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) يعني يفقهه ويعلمه ويفهمه الدين بجميع أبوابه، لا مجرد الأحكام الذي هو الفقه العرفي، بل هو الفقه في الدين في جميع أبوابه، وأما كون جبريل جاء على صورة رجل فكثيراً ما يجيء على صورة إنسان، وأكثر ما يأتي على صورة دحية الكلبي، وأما الخلاف في الزائد من خلقته هل هو أفني أو بحسب ما يراه الرائي أو أزيل ثم يعود؟ هذه المسائل الخوض فيها لا قيمة له؛ لأن بعضهم يقول: وين الزائد جبريل يسد الأفق؟ ستمائة جناح، فأين الزائد من خلقه؟ هل هو فني؟ هل هو أزيل ثم يعود؟ هل هو موجود، لكن الرائي لا يرى، ما يرى إلا صورة إنسان؟ مثل هذه البحوث لا تنفع طالب العلم.
ثم بعد ذلك قال:"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً بارزاً للناس" يعني ظاهراً للعيان "فأتاه رجل فقال: يا رسول الله ما الإيمان؟ قال:((إن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه وتؤمن بالبعث)) " واللقاء هو اليوم الآخر المنصوص عليه في الحديث السابق، وهو البعث على قول بعض الشراح، ويكون عطف:((وتؤمن بالبعث الآخر)) من باب عطف الشيء على نفسه للتأكيد، ومنهم من يقول: إن تؤمن بلقائه يعني رؤيته يوم القيامة، تؤمن برؤية الله -جل وعلا- يوم القيامة.