يقول ابن حجر في فتح الباري:"إن المبالغة في الرد على المبتدع اقتضت مثل هذه اللفظة، وأن ظاهره غير مراد، ولكن لما كان القتال أشد من السباب؛ لأنه مفضٍ إلى إزهاق الروح عبر عنه بلفظ أشد من لفظ الفسق وهو الكفر، ولم يرد حقيقة الكفر التي هي الخروج عن الملة، بل أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير، معتمداً على ما تقرر من القواعد أن مثل ذلك لا يخرج عن الملة، مثل حديث الشفاعة، ومثل قوله تعالى:{إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(٤٨) سورة النساء] أو أطلق عليه الكفر لشبهه به؛ لأن قتال المؤمن من شأن الكفر، قال: وقيل: المراد هنا الكفر اللغوي وهو التغطية؛ لأن حق المسلم على المسلم أن يعينه وينصره، ويكف عنه أذاه، فلما قاتله كان كأنه غطى على هذا الحق، والأولان أليق بالمراد، وأولى بالمقصود، والله أعلم".
أولاً: جاء في حق القاتل {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [(٩٣) سورة النساء] نسأل الله العافية، والخلود هنا معناه طول المكث، وليس معناه مثل خلود الكفار، طول المكث وطول البقاء وليس معناه خلود الكفار، بحيث لا يخرج منها، لا، هذا عاصٍ وهو ليس بكافر عند من يعتد به من أهل العلم، وعامة أهل السنة على هذا أنه يخرج منها، يخرج من النار بعد أن يقتص منه، وحصل القتال بين المسلمين من عصر الصحابة -رضوان الله عليهم-، فتقاتلوا ولم يقل أحد بتكفير إحدى الطائفتين، وإن كانت إحداهما راجحة والأخرى مرجوحة، لكن القتال لا سيما مع التأويل ليس بكفر، وأما مع عدمه فليس بكفر إلا بالنسبة لمن استحله، لمن استحل القتل.
جاء في الحديث الصحيح:((لعن المؤمن كقتله)) في الصحيحين، وهنا:"سبابه فسوق، وقتاله كفر" حديث الباب يدل على أن لعن المؤمن ليس كقتله صح وإلا لا؟ حديث الباب؟