قال -رحمه الله-: "حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا داود بن أبي هند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه، وهم يختصمون في القدر، فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب" أولاً: رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده اختلف فيها أهل العلم اختلافاً كبيراً، وسبب الاختلاف الخلاف في عود الضمير في قوله: عن جده، هل هو جد عمرو فيكون محمد، أو جد شعيب فيكون عبد الله بن عمرو بن العاص، وجاء التصريح به في بعض الروايات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، فإذا قلنا: إن الضمير يعود على عمرو والجد محمد الخبر مرسل، وإذا قلنا: يعود إلى شعيب والجد عبد الله بن عمرو بن العاص كما يؤيده بعض الروايات المصرحة فلا شك أنه يكون غير مرسل، باعتبار أن الصحابي مذكور من جهة، والخلاف في سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو معروف عند أهل العلم، والمسألة محل خلاف كبير بين أهل العلم، منهم من يضعفها، ومنهم من يصححها، وعلى كل حال القول المتوسط في هذه السلسلة أنها من قبيل الحسن، إذا ثبت السند إلى عمرو، وقد ثبت هنا، فالحديث هنا حسن، ولا إشكال فيه.
"خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه" إما من بيته إلى أصحابه وهم في المسجد، أو خارج المسجد، وهم يختصمون في القدر، مسائل القدر لا شك أنها فيها شيء من الإشكال، وفي كثير منها لا يمكن أن يتوصل إلى حسم لهذه القضايا، وحينئذٍ على المسلم أن يرضى ويسلم، ويقبل ما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن القدر سر من أسرار الربوبية، فالاسترسال في بحث مسائله وقضاياه لا سيما على متوسط الفهم لا يوصل إلى نتيجة، بل على الإنسان أن يرضى ويسلم، فإذا أمر ائتمر، وإذا نهي انتهى، ومع ذلك يؤمن بالقدر، وأن كل شيء بقدر، وأن الله قدر الأشياء قبل أن يخلق السماوات والأرض.