هل كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- يحتاج إلى تصديق؟ لا يحتاج إلى تصديق، فهو الصادق المصدوق، لكن كلام أبي الدرداء قاله بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بأزمان، والإنسان أحياناً يجد مصداق خبر سمعه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كالشمس، يعني يمر بنا وقائع وأحداث لها دلالاتها من الكتاب والسنة تدل على أنها صدرت بالفعل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ووقعت كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكل يوم وطالب العلم الذي يعاني الكتاب والسنة يزداد إيمانه ويقينه بأخبار النبي -عليه الصلاة والسلام-، وليس معنى هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بحاجة إلى من يشهد له ويصدقه، بل وجد ذلك في حياته العملية حقاً؛ لأن بعض الناس يقرأ مثل هذا الكلام ويصدق به، لكنه لا يحسه في حياته العملية، أنه تُرك على البيضاء ليلها كنهارها؛ لأنه تتنازعه شهوات وشبهات، تميل به يمين وشمال، فيقول: أين المحجة البيضاء؟ نحن نعيش في مهامه، مرة يمين ومرة شمال، أنت السبب؛ لأنك ما اعتصمت بالكتاب والسنة لترى هذه المحجة البيضاء، أنت تتلقف الأخبار من يمين ومن شمال، من كفار، ومن مبتدعة، ومن كذا، وتسمع شهوات وشبهات، وتعرض نفسك لهذه الشهوات، وتريد أن تكون على المحجة البيضاء! أنت على المحجة البيضاء، لكن يبقى أنك قد تخرج عنها يميناً وأحياناً يساراً، لكن أنت اعتصم بالكتاب والسنة والزم الصراط المستقيم وانظر هل أنت على البيضاء أم لا؟ هل يختلف عندك الليل والنهار أو لا؟ الأمر لا يختلف عند من لزم الصراط.
ثم قال بعد ذلك:"حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة)) " والحديث له شواهد كثيرة، فيه عن ثوبان وسيأتي عن المغيرة بن شعبة في الصحيحين وغيرهما، وعن معاوية أيضاً في البخاري ومسلم وغيرهما، وعن جابر بن عبد الله وعقبة بن عامر عند مسلم، وعن غيرهم، فهذا الحديث متواتر، مروي عن جمع من الصحابة، وروى عنهم جموع غفيرة من التابعين إلى آخر الأسانيد.