الصدوق اعتمد المتأخرون على أنه مقبول الرواية، وحديثه من قبيل الحسن، الصدوق حديثه من قبيل الحسن، مع أن ابن أبي حاتم جعل الصدوق في المراتب التي لا يقبل حديثها إلا بمتابع، وسأل أباه عن شخص فقال: صدوق، فقال: أيحتج بحديثه؟ قال: لا، فمن أهل العلم من لا يحتج بحديث الصدوق، ومنهم من يجعله من قبيل الحسن يعني يتوسط في أمره ليس بثقة ولا بضعيف، فيعطى المرتبة المتوسطة من الأحكام، والذين ردوا حديث الصدوق حجتهم أنه وإن بولغ في وصفه بالصدق فاستحق فعول التي هي صيغة مبالغة إلا أنه لا يشعر بشريطة الضبط؛ لأن الصدق وحده ما يكفي، لكنه لا يشعر هذا اللفظ بشريطة الضبط، وهذه حجة من رد حديثه إلا إن توبع، ووجد ما يشهد له.
كلمة صدوق تشعر بشريطة الضبط أو لا تشعر؟ نعم؟ ما تشعر، نأتي بمثال: أنت جالس في بيتك يوم العيد، وعندك ولدك، ولد أنت افترض أنك في الخمسين من العمر عندك ولد عمره عشرين، طرق الباب بعد صلاة العيد، افتح يا ولد، يأتي من الطارق؟ فلان، قال له: اتفضل، وبالفعل يصير فلان، ثم مرة ثانية فلان ويكون الخبر مطابق للواقع، وفي ضحى يوم العيد يطرق الباب أكثر من مائة، وكلهم يخبر الولد بما يطابق الواقع، نقول: الولد صدوق وإلا كذوب؟ صدوق، لكن من الغد يسأله أبوه من الذي جاء بالأمس؟ يتذكر واحد اثنين وينسى خمسة وتسعين منهم، يتذكر خمسة ستة ولا يذكر البقية، هذا ضابط وإلا غير ضابط؟ غير ضابط، لكنه صدوق.
حجة من يقول: إن حديث الصدوق لا يقبل، لا يحتج به هذا، يقول: وإنه وإن وصف بصيغة المبالغة ملازم للصدق لا يكذب لكنه قد لا يضبط، فالذي أخبر عن مائة شخص بما يطابق الواقع صدوق، لكن يسأل من الغد من طرق الباب بالأمس؟ من حضر بالأمس؟ يذكر خمسة ستة وما يذكر الباقي، هذا لا ضبط عنده، ولذا رد جماعة من أهل العلم حديث الصدوق.