للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن حجر لما يحكم على راوٍ بأنه صدوق في التقريب مستحضر هو أن الصدوق محتج به، وأن حديثه بمرتبة الحسن؛ ليقول لطالب العلم: إذا قلت لك: إنه صدوق خلاص احكم على حديثه بأنه حسن، وليست كلمة صدوق عند الحافظ ابن حجر مثل صدوق عند أبي حاتم، فننتبه لهذا، أولاً: أبو حاتم -رحمه الله- متشدد، يعني ما جادت نفسه للبخاري إلا بصدوق، ومع ذلك لا يحتج بالصدوق؛ لأنه لا يشعر بشريطة الضبط، وإذا كان البخاري لا يضبط فمن يضبط؟!

على كل حال ليس هذا محل البحث، محل البحث هذه الصيغة، الذين احتجوا بالصدوق، وجعلوه في مرتبة الحسن قالوا: صدوق صيغة مبالغة، ويقابله الكذوب، فالملازم للصدق في جميع أحواله معناه أنه لا يقع الكذب في خبره لا عمداً ولا خطأ؛ لأنهم لا يشترطون في الكذب أن يكون عن عمد، فإذا كان كلامه مطابق للواقع باستمرار معناه أنه لا يقع الكذب في كلامه لا عن عمد ولا خطأ، وإذا كان لا يقع الخطأ في كلامه إذاً هو ضابط، فترى هذه المسألة من الدقائق، وقل من يكشفها، تحتاج إلى مزيد عناية، فهذه اللفظة يعني إذا قيل لك: إنها لا تشعر بشريطة الضبط قلت: صحيح، ومثل ما مثلنا، لكن هم إذا أطلقوا صدوق هم يعرفون مدلول صيغة المبالغة أنه لا يقع الكذب في كلامه، لا خطأ ولا عمداً؛ لأنهم يسمون الخطأ كذب؛ لأن الصدق نقيض الكذب، فإذا كان لا يقع الكذب في كلامه لا خطأ ولا سهو ولا عمد، فإنه حينئذٍ تكون الصيغة مشعرة بشريطة الضبط.

قال: "سمعت أبا عنبة الخولاني وكان قد صلى القبلتين مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته)) "

<<  <  ج: ص:  >  >>