هذا الحديث أقل أحواله أنه حسن، يعني مقبول، حديث محتج به ((لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته)) لا يزال يعني إلى آخر الزمان، الإنسان إذا سمع الحديث الصحيح:((لا يأتي زمان إلا وبعده شرٌ منه)) يصاب باليأس، وإذا نظر إلى واقع الناس بعد أربعة عشر قرناً وجد فيهم أخيار، فكيف يقال:((لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه)) ويستمر الخير إلى قيام الساعة؟ نقول:((لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته)) والخير لن ينقطع عن هذه الأمة إلى قيام الساعة، ولا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق منصورة، فهذه الأحاديث في مقابل حديث:((لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه)) مسألة إجمالية، يعني حكم إجمالي، يعني مجموع الناس إذا نظرت إلى أهل الأرض ينقص الخير عندهم، لكن قد وجد في أفراد منهم، وليس معناه أنه إذا كان شر منه أن الخير ينقطع بالكلية، لا، بل الخير موجود في أمة محمد إلى قيام الساعة و ((لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته)) لا يزال يعني عندنا قبل ثلاثين سنة مثلاً الشباب ليس مستواهم في تحصيل العلم مثل مستواهم الآن، هذا شيء عاصرناه وعايشناه أقل بكثير، يوجد أفراد، يوجد عشرات من الناس عندهم علم، وعلم أصيل ومتين ويستحقوا أن يوصفوا بأنهم علماء، لكن ليسوا بالكثرة مثل ما نشاهد الآن، إن كان يوجد عشرات، فالآن يوجد آلاف -ولله الحمد- والله -جل وعلا- يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته، لكن إذا نظرنا إليهم من جهة وجدنا أن الخير نقص عندهم وإن زاد من جهة، زاد من جهة الرغبة والتحصيل والتأصيل، لكنه نقص من جهة، جهة العمل نقصت، هل يقاس الخشوع بين طلاب العلم بالخشوع قبل ثلاثين سنة؟ ولا بالعوام يقاسون، لكن الزيادة والنقص في جانب دون جانب، وقد تكون في بلد دون بلد، وقد تكون في إقليم أو في جهة من الجهات دون أخرى.