طيب ماذا عن قول الله -جل وعلا- في سورة الحديد:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ} [(٢٧) سورة الحديد] هم ابتدعوا هذه الرهبانية، والله -جل وعلا- ما كتبها عليهم، وهم ابتدعوها ما ابتدعوها إلا ابتغاءً لرضوان الله، فهل يكفي حسن القصد لتشريع ما لم يشرعه الله؟ والعمل بما لم يثبت عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-؟ يكفي هذا وإلا ما يكفي؟ لا يكفي.
((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).
ثم قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر المصري وقال: أنبأنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير حدثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير" رجل من الأنصار خاصم أباه الزبير "عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" من الأنصار وصدر منه ما صدر من قوله: "أن كان ابن عمتك" فوصفه بكونه من الأنصار مع مقالته هذه الشنيعة فيه إشكال وإلا ما في إشكال؟ لأن من أهل العلم من يقول: إنه كان منافقاً، وإلا فالمسلم المؤمن لا يمكن أن يقول هذا، ويرد حكم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبعضهم يقول: كان مسلماً، بل كان بدرياً، ومع ذلك قال هذه المقالة في حال الغضب الذي وصل به إلى حد ترفع عنه المؤاخذة، ويبقى أنه أنصاري، وبعضهم قال: إنه كان من اليهود، وكان حليفاً للأنصار.
المقصود أنه حصل من هذا الشخص هذا الرجل من الأنصار حصل منه ما حصل، سواء كان مسلماً أو منافقاً فالأمر شنيع جداً، فيه رد للسنة الصحيحة.
"خاصم الزبير عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شراج الحرة" الشراج: مسايل المياه، والحرة هي الأرض التي تكسوها الحجارة السود، وهي معروفة بالمدينة، وهما حرتان شرقية وغربية، وهما حدود الحرم من جهة الشرق والغرب، أما حدود الحرم من جهة الشمال والجنوب فما بين عير إلى ثور، والحرتان هما اللابتان، ما بين لابتيها، هما الحرتان، والمراد بالحرة الأرض التي تعلو عليها الحجارة السود.