يدرس بعناية من غير منع، من غير معارضة للسنة، إلا إذا وجد ما يقتضي المنع، يمنعها لأنها خرجت متبرجة لا لأنها تريد بيت الله، يمنعها من التبرج، يمنعها من الطيب، يمنعها مما منعت منه شرعاً، ويأذن لها بما أذن لها فيه الشرع.
"فقال ابن له: إنا لنمنعهن، قال: فغضب ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- غضباً شديداً، وقال: أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقول: إنا لنمنعهن! " يعني ما يكفي في هذا الباب القصد الحسن، بل لا بد من الاتباع مع حسن القصد، ابن عباس لما قال بالمتعة متعة الحج، وقيل له: إن أباك منع المتعة، وكذلك أبو بكر، قال: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر! وهذا استدلال بقول أبي بكر وعمر في مقابل قول النبي -عليه الصلاة والسلام-، فكيف بمن يستدل بآراء الناس؟! تقول له: قال رسول الله كذا، فيقول لك: قال: لا، قال الشيخ فلان، تقول له: الحديث ثابت وصحيح وصريح، في البخاري، يقول لك: ولو الشيخ فلان أعرف، فرد النصوص تقليداً للأئمة لا شك أنه يدخل في هذا الباب لا سيما بعد بلوغها.
قال -رحمه الله-: "حدثنا أحمد بن ثابت الجحدري وأبو عمرو حفص بن عمر قالا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي" يعني بن عبد المجيد "قال: حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن مغفل أنه كان جالساً إلى جنبه ابن أخ له فخذف" الخذف: يؤتى بحجر صغير فيوضع بين السبابتين هكذا فيخذف به، أو يوضع بين السبابة والإبهام هكذا فيخذف، هذا الخذف، وهذا منهي عنه؛ لأنه يكسر السن، ويفقأ العين، لكن ما فيه فائدة، لا ينكأ عدو، ولا يصيد صيداً.
"أنه كان جالساً إلى جنبه ابن أخ له فخذف، فنهاه، وقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عنها" يعني نهى عن هذه الفعلة التي هي الخذف "وقال: ((إنها لا تصيد صيداً، ولا تنكي عدواً)) " يعني لا تبلغ به من الأثر ما ينبغي أن يبلغ، فلا تقتل ولا تكسر، إنما هي مجرد أذى ((لا تصيد صيداً، ولا تنكي عدواً)) فدل على أن ما فيه نكاية بالعدو أنه مطلوب شرعاً، ما فيه نكاية في العدو مطلوب.