قال:"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا غندر عن شعبة ح وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "قلنا لزيد بن أرقم: حدثنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: كبرنا ونسينا والحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شديد" وهكذا ينبغي لمن كبرت سنه، وخشي أن يحصل التخليط في بعض كلامه أن يكف عن التحديث، والمعلم إذا تقدمت به السن، وكثر خطأه وزلله ينبغي أن يكف، فإن لم يَكف يُكف عن التحديث، فلما كبر زيد بن أرقم كبر ونسي، والحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه شديد، وأشد منه القرآن، فلا يجوز للإنسان أن يسارع بإلقاء الأحاديث على الناس وهو لم يتثبت منها، أو يكون في ضبطه شيء من الخلل بسبب ضعف الحافظة، أو بسبب كبر السن والنسيان.
قال: "حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو النضر عن شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال: سمعت الشعبي يقول: "جالست ابن عمر سنة" الشعبي عامر بن شراحيل، ومنزلته في الحفظ والضبط والإتقان معروفة، عامر الشعبي الذي إذا دخل السوق سد أذنيه؛ لأنه يحفظ كل ما سمع، ولا يريد أن يسمع كلام الناس، ويحفظ كلام الناس.
يقول:"جالست ابن عمر سنة، قال: فما سمعته يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً" وليس هذا مخالفة للأمر بالتبليغ ((بلغوا عني ولو آية)) ((ليبلغ الشاهد منكم الغائب)) فالتبليغ واجب، بل فرض كفاية، ولعله في مثل هذه الظروف التي نقلت عنه في هذه السنة أنه قد بلغت هذه الأحاديث، وتحمل أمانتها غيره، وإلا لو تعين عليه التبليغ لما ساغ له أن يسكت لمدة سنة "فما سمعته يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً" وقد يكون سكوته في مجلس الشعبي، ويحدث في مجالس غيره، امتثالاً للأمر بالتبليغ؛ لأن الشعبي إن لم يسمع الحديث من ابن عمر سمعه من غيره لحرصه على الخبر.